حصول ذلك الشرط، فإذا أخذ بهما لزم القول بتوقفه على حصولهما، فيكون كل منهما مقيدا لإطلاق الأمر، وفيه ما لا يخفى.
والحق أن يقال: إن قضية الجمع فيهما هو البناء على توقف الأمر على أحد ذينك الشرطين، فيحصل التكليف بحصول أي منهما، وقضية منطوق كل منهما حصوله بحصول ذلك الشرط، وقضية مفهومه انتفاؤه بانتفائه، فيكون منطوق كل منافيا لمفهوم الآخر فيقيده تقديما لجانب المنطوق على المفهوم.
تاسعها: أنه ذكر صاحب الوافية: أن ثمرة الخلاف في المفهوم إنما تظهر فيما إذا كان مخالفا للأصل، كما إذا قيل: " ليس في الغنم زكاة إذا كانت معلوفة " فإنه يفيد حينئذ وجوب الزكاة في السائمة، ولا يقول بمقتضاه من لا يقول بحجية مفهوم الشرط، بخلاف من يقول بحجيته. وأما إذا قيل: " في الغنم زكاة إذا كانت سائمة " أفاد نفي الزكاة في المعلوفة، ويقول به حينئذ من يقول بحجية المفهوم ومن لا يقول به، غاية الأمر استناد المثبت في ذلك إلى ظاهر المفهوم المعتضد بالأصل والنافي إلى مجرد الأصل، وذلك لا يثمر في أصل المسألة، إذ هما موافقان فيه.
قال: ودعوى حجية المفهوم من القائل به إنما نشأ عن غفلة من ذلك، فإنه لما كان حكم الأصل في ذلك مرتكزا في العقول اختلط الأمر عليه بين مقتضى الأصل ومدلول اللفظ، فتوهم كون ذلك مدلولا للفظ. هذا كلامه مشروحا.
وأورد عليه غير واحد من أفاضل المتأخرين بما توضيحه: أنه وإن كان الحال كذلك في الصورة الثانية فيتطابق الأصل والنص على القول بالحجية، وينفرد الأصل على القول بالنفي، ويشترك الوجهان في ثبوت الحكم الذي هو ملحوظ نظر الأصولي، إلا أن هناك فرقا بينا بين الثبوتين: فإنه إن ثبت الحكم حينئذ بالأصل لم يقاوم شيئا من الأدلة الدالة على خلافه، فإن حجية الأصل مغياة بقيام الدليل على خلافه فبعد قيامه لا يقوم حجة في المقام حتى تعارض الدليل المذكور.
وأما إذا كان الثبوت بالنص ودلالة المفهوم فهو يعارض ما يدل على خلافه، ولا بد حينئذ من ملاحظة الترجيح، ومجرد كون هذا مفهوما لا يقضي بترجيح