إذ من الواجب أنه ليس المعلق هناك على الشرط المذكور إلا عدم تنجسه بشئ من النجاسات، أعني السلب الكلي، وقد عرفت أنه لا دلالة في انتفاء الشرط حينئذ إلا على انتفاء ذلك الحكم الحاصل بالإيجاب الجزئي، ولا دلالة في ذلك على حصول التعليق بالنسبة إلى آحاد النجاسة أصلا، فمن أين يمكن استفادة الحكم منه على سبيل الإيجاب الكلي؟ كيف؟ ولو صح ما ذكره لكان مفهوم قولك:
" إذا أهانك زيد فلا تعطه شيئا من مالي " الحكم بجواز إعطاء جميع ماله له مع انتفاء الإهانة، وقولك: " إن لم يقدم أبي من السفر فلا أتصدق بشئ على الفقراء " الحكم بالتصدق بجميع الأشياء عليهم مع قدومه، إلى غير ذلك من الأمثلة، مع أن الضرورة قاضية بخلافه كما هو في غاية الوضوح عند ملاحظة العرف، والظاهر أن ما ذكره في المقام إنما نشأ من الخلط بين ما فصلناه من الأقسام.
خامسها (1): أنه لو كان المنطوق مقيدا بقيد اعتبر ذلك القيد في المفهوم أيضا، فإن كان ذلك القيد مأخوذا في الشرط كما في قولك: " إن جاءك زيد وقت الصبح فأكرمه " دل على نفي الحكم على تقدير عدم مجيئه في ذلك الوقت، سواء جاءه في وقت آخر أو لا. وإن اخذ في الجزاء دل على انتفاء ذلك المقيد عند فوات شرطه، فإذا قال: " إن جاءك زيد فأكرم العلماء الطوال " دل الاشتراط على عدم وجوب إكرام خصوص العلماء الطوال عند عدم مجيئه دون مطلق العلماء، فالحكم في غير الطوال مسكوت عنه إثباتا ونفيا في المنطوق والمفهوم.
نعم، لو قلنا بحجية مفهوم الوصف دل على عدم وجوب إكرامهم في صورة المجئ، وفي صورة عدم مجيئه يكون الحكم فيهم مسكوتا عنه بتلك الملاحظة أيضا، فإن التقييد بالصفة إنما هو في صورة المجئ خاصة. وربما يعزى إلى البعض دلالة مفهوم الشرط على انتفاء الحكم عنهم مطلقا مع انتفاء الشرط، فإن ثبت القول به فهو موهون جدا.
هذا إذا كان التقييد بالمتصل، وأما إذا كان بالمنفصل فهل يقضي ذلك باعتبار التقييد في المفهوم أيضا؟ وجهان: