المسؤول وجود الخلاف فيه فإنه بعد ما ذكر: أن ذلك هو المعروف قال: ونقله إمام الحرمين في البرهان عن الشافعي، ثم خالفه.
وكيف كان فكأن الوجه فيه: أنه لما كان الإطلاق منصرفا إلى الغالب وكان ذلك الشرط أو الوصف حاصلا له في الغالب كان الشرط أو الصفة مساويا للمشروط والموصوف، وحينئذ فلا يراد بهما إفادة التخصيص، وإنما يراد بهما نكتة أخرى غير الانتفاء بالانتفاء. وعلله بعض الأفاضل: بأن النادر هو المحتاج إلى التنبيه، والأفراد الشائعة حاضرة في الأذهان عند إطلاق اللفظ المعرى، فلو حصل احتياج في الانفهام من اللفظ فإنما يحصل في النادر، فالنكتة في الذكر لا بد أن تكون شيئا آخر، لا تخصيص الحكم بالغالب.
وأنت خبير بأن مجرد ما ذكره لا إشعار فيه إلى دفع المفهوم وعدم إرادة الانتفاء بالانتفاء، وليس المقصود بالتقييد المفروض بيان دلالته على ثبوت الحكم في محل القيد حتى يقال بعدم الاحتياج إليه مع ورود القيد مورد الغالب، نظرا إلى الاكتفاء فيه بالإطلاق. بل المقصود بناء على اعتبار المفهوم انتفاء الحكم عن غير مورد القيد، أعني الفرد النادر، ولا السكوت عنه، ولا إشعار في الوجه المذكور بخلافه حتى يلزم أن يكون النكتة في الذكر شيئا آخر، كما لا يخفى.
الثالث أن لا يكون التقييد لأجل وقوع السؤال عنه، كما إذا قيل: أكرم زيدا إن جاءني " فتقول: " أكرمه إن جاءك " أو " هل في الغنم السائمة زكاة؟ " فتقول:
" في الغنم السائمة زكاة ". وبمنزلة تقدم السؤال ما إذا ورد ذلك عند وقوع الواقعة الخاصة، أو نحو ذلك من الأسباب الباعثة على تخصيص الذكر، إذ لا دلالة إذا في ذلك على انتفاء الحكم بانتفائه.
وأنت خبير بأن مرجع هذه الشروط إلى أمر واحد، وهو: عدم قيام شاهد على عدم إرادة الانتفاء بالانتفاء بحيث يخرج العبارة بملاحظته عن ظهورها في ذلك، سواء ظهر منه خلافه أو تساوى الأمران، لخروجه بذلك عن إفادة الانتفاء بالانتفاء، وهو بناء على ما استظهرناه من ظهور التعليق في ذلك من غير أن يكون اللفظ موضوعا لخصوص ما ذكر ظاهر، إذ ليس الظهور المذكور إلا من جهة