وقد يكون هناك عموم إما في الاشتراط نحو " كلما أهانك زيد لم يجب عليك إكرامه ". وإما في الموضوع، سواء كان استغراقا أفراديا كما في قولك: " كل ماء إن كان قدر الكر لم يتنجس بالملاقاة " أو بدليا كقولك: " أي حيوان إذا كان مأكول اللحم جاز الوضوء من سؤره ". وإما في متعلق الشرط، نحو " إن أتاك زيد في كل يوم من شهر رمضان فزره في العيد ". وإما في الجزاء المترتب على الشرط نحو " إن جاءك زيد فأعطه كل ما عندك " و " إن كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ ".
وفي هاتين الصورتين قد يكون العموم استغراقا أفراديا، وقد يكون بدليا موضوعا للعموم كذلك، أو يكون عمومه البدلي من جهة الإطلاق، ويختلف الحال فيها حسب ما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.
فهذه وجوه خمسة:
أما الأول فلا يفيد إلا رفع ذلك الحكم مع انتفاء الشرط من غير دلالة على التكرار أصلا، ولا فرق بين كون الشرط والجزاء إيجابيين أو سلبيين أو مختلفين، غير أن كلا من الشرط والجزاء إن كان إيجابيا اكتفى في صدقه بمجرد حصول فرد منه، وإن كان سلبيا توقف على رفع الجميع.
هذا في المنطوق، وأما في المفهوم فالأمر بالعكس، فإنه في الإيجابي يتوقف على رفع الجميع وفي السلبي يكتفي فيه بحصول فرد منه، من غير فرق في ذلك بين الشرط والجزاء، فلا بد من نفي الجميع في الأول على الأول حتى يحكم بنفي الجزاء، وعلى الثاني لا بد من عدم إدخال شئ من أفراد الجزاء في الوجود، ويكتفي بوجود فرد منه في الحكم بترتب الجزاء في الثاني على الأول، وثبوت فرد من الجزاء على الثاني. والمراد بعموم المفهوم حينئذ ما قررناه من كون الانتفاء حاصلا على جميع صور انتفاء الشرط من غير توقف على قيد آخر، لكونه على نحو خاص أو في صورة مخصوصة، لما عرفت من دلالة التعليق على توقف المعلق على وجود المعلق عليه، وقضاء التوقف عقلا بانتفاء المتوقف عند انتفاء المتوقف عليه مطلقا، ففي المثال المفروض لو تحقق المجئ على أي نحو كان وجب الإكرام، ولا يدل على وجوبه كلما تكرر المجئ أصلا.