قلت: لا يخفى أن الموضوع في المثال المفروض هو كل حيوان والقيد المأخوذ فيه المعلق عليه الحكم المذكور هو كونه مأكول اللحم، فيكون مفاد العبارة: الحكم على كل واحد من الحيوان بعدم المنع من سؤره مع وصف كونه مأكول اللحم، فقضية ذلك بناء على القول بالمفهوم ثبوت المنع بالنسبة إلى سؤر آحاد الحيوان مع انتفاء القيد المأخوذ فيه، فمرجع هذا التعليق إلى تعليق الحكم في كل فرد لوجود القيد المذكور، فيرتفع الحكم عن كل منها مع انتفائه، وحينئذ فكيف يتصور القول بالاكتفاء في صدق المفهوم برفع الإيجاب الكلي؟
نعم، لو كان عموم الحكم وشموله للأفراد معلقا على الوصف المذكور صح ما ذكر، لقضاء ذلك برفع ذلك العموم مع انتفائه، فيكتفي في مفهومه برفع الإيجاب الكلي حسب ما ذكر، لكن ليس مفاد المنطوق ذلك أصلا، كما لا يخفى.
ثم إن توضيح الكلام في المرام يستدعي بسطا في المقام. فنقول: إنه قد يراد بعموم المفهوم شمول نفي الحكم الثابت للمنطوق لجميع صور انتفاء الشرط ووجوهه، فيكون الحكم الثابت في صورة وجود الشرط منتفيا عن ذلك الموضوع على جميع صور انتفاء ذلك الشرط، بمعنى عدم توقف انتفائه على قيد آخر، بل بمجرد انتفاء الشرط المفروض ينتفي الحكم.
وقد يراد به شمول نفي الحكم لجميع صور الانتفاء بحيث يتكرر انتفاء ذلك الحكم بحسب تكرر انتفاء الشرط، مثلا: إذا قال: " إن لم يجئك زيد فلا يجب عليك إكرامه " يكون مفاده على الأول أنه مع حصول المجئ كيف كان يجب الإكرام، ولا يدل على تعدد الإكرام وتكرره بحسب تكرر المجئ، وإن قيل بإفادته العموم على الوجه الثاني أفاد ذلك.
وأنت خبير بأن من الواضح المستبين عدم إشعار التعليق المذكور بالعموم على الوجه الثاني في المثال المفروض أصلا. نعم، قد يستفاد منه ذلك أيضا في بعض الصور.
والتفصيل: أنه قد لا يكون المنطوق مشتملا على العموم أصلا، لا في الاشتراط، ولا في الموضوع، ولا في الجزاء، كالمثال المتقدم.