ويمكن أن يحمل كلامه على الاستناد إلى التبادر بالنسبة إلى المقام الأول أيضا، فيكون قوله: " يجري في العرف... الخ " إشارة إلى اتحاد مفاد الأمرين في فهم العرف وجريان أحدهما مجرى الآخر، فالدليل المذكور عين ما احتجت به الجماعة من التمسك بالتبادر، إلا أنه زاد عليه المقدمة الأولى إيضاحا للمدعى، فإنه لو استند إلى تبادر الانتفاء بالانتفاء من تعليق الحكم بالشرط - حسب ما قرروه في المقام - تم المرام، إلا أنه لما رأى أن تبادر المعنى المذكور ابتداء من التعليق المفروض لا يخلو عن خفاء - إذ ربما يمنع ذلك - ضم إليه المقدمة المذكورة، فادعى جريان أحد التعبيرين المذكورين مجرى الآخر. ثم بين أن المستفاد من التعبير الآخر هو الانتفاء بالانتفاء، فيسهل بذلك إثبات المدعى.
فظهر مما ذكرنا اندفاع ما قد يتخيل في المقام من كون المقدمة الأولى المأخوذة في الاحتجاج لغوا، ولذا لم يؤخذ في تقريره المعروف في كتب القوم.
هذا.
وقد يورد على الاحتجاج المذكور بوجوه:
أحدها: أن الشرط بالمعنى المذكور من المصطلحات الخاصة، فكيف يرجع فيه إلى العرف العام، مضافا إلى أنه من المعاني المتجددة الحادثة؟ فلا ربط له بما هو محل البحث من الدلالة عليه بحسب اللغة، ففيه خلط بين معنيي الشرط.
ويدفعه: أن الظاهر سراية ذلك المعنى إلى العرف وشيوع استعماله فيه عندهم إلى أن بلغ حد الحقيقة، كما يقضي به ملاحظة تبادره منه في العرف. وتجدد المعنى المذكور لا يمنع من ملاحظته في المقام، إذ ليس الكلام في مفاد لفظ الشرط، بل في مدلول الجملة الشرطية، وإذا ظهر أن مفاد الاشتراط الحاصل من الجملة الشرطية هو مفاد لفظ " الشرط " عندنا تم به المدعى، وإن كان ثبوت المعنى المذكور للشرط بالوضع اللاحق، إذ لا يلزم منه كون مفاد الجملة الشرطية مستحدثا أيضا.
ثانيها: وضوح الفرق بين مفاد الأمرين، فإن مفاد لفظ " الشرط " توقف