أكرمك وإن أهانك ". ومن ذلك أيضا: ما إذا أريد به الإشارة إلى ثبوت الحكم في الأضعف ليتأكد ثبوته في الأقوى، كما في قولك: " إن ضربك أبوك فلا تؤذه ".
وقد تكون لبيان العلامة كما إذا سألك عن وقت حلول الشتاء فقلت: " إذا نزل الثلج فقد حل الشتاء ". وقولك: " إذا صف الغلمان فقد جلس الأمير " و " إذا رأيت معرفة مرفوعة أول الكلام فهو المبتدأ " إلى غير ذلك.
وقد يجعل الشرط في ذلك شرطا للحكم، فيكون الجزاء في الحقيقة هو الحكم بثبوته لا نفس حصوله، فيرجع إلى الإطلاق السابق، ولا حاجة إليه، إذ لا بعد في إطلاقه على ما ذكر، كما يشهد به ملاحظة الاستعمالات، ومحل النزاع - كما عرفت - إنما هو فيما إذا أريد به التعليق، أو مطلقا بناء على كونها حقيقة في التعليق دون غيره، وحينئذ فمرجع النزاع إلى كونها حقيقة بحسب اللغة والعرف في تعليق الوجود على الوجود لا غير، كما هو المتداول بين المنطقيين، أو أنها تفيد تعليق كل من وجود الجزاء وعدمه على وجود الشرط وعدمه، فتدل حينئذ على ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط وانتفائه عند انتفائه، فيكون المدلول عليه بذلك حكمين: أحدهما إيجابي، والآخر سلبي، وذلك ظاهر بالنسبة إلى الأخبار، إذ مفاد الشرط حينئذ انتفاء الحكم المخبر به على فرض انتفاء الشرط.
أما بالنسبة إلى الانشاء فالظاهر أن كلا من القائل بحجية المفهوم والقائل بنفيها يقول بانتفاء الانشاء الحاصل بالكلام على تقدير انتفاء الشرط، بل وكذا بالنسبة إلى سائر القيودات المذكورة في الكلام حتى بالنسبة إلى الألقاب، فإن قوله: " أكرم زيدا " إنما يكون إنشاء لوجوب إكرام زيد دون غيره، فيكون الإيجاب المذكور ثابتا بالنسبة إليه منتفيا بالنظر إلى غيره، ولو وجب إكرام غيره فإنما هو بإيجاب آخر، فليس ذلك من القول بحجية المفهوم في شئ.
وما يذهب إليه القائل بحجية المفهوم في المقام هو القول بدلالة الكلام على انتفاء الإيجاب مطلقا مع انتفاء الشرط، وحينئذ فيشكل الحال في تصوير الدعوى المذكورة، نظرا إلى أن الشرط المذكور إنما وقع شرطا بالنسبة إلى الانشاء