وربما يجاب عنه أيضا: بأن عدم استحقاق الباقين للذم والعقوبة حينئذ إنما هو لسقوط الواجب عنهم نظرا إلى فوات موضوعه بفعل الغير، لا لعدم وجوبه عليهم من أول الأمر.
وفيه: ما عرفت من أن سقوط الواجب حينئذ إنما هو بأدائه وحصول مطلوب الآمر بفعله، لا بمجرد سقوطه بانتفاء موضوعه، فأداء الواجب بفعل البعض شاهد على وجوبه على البعض.
ويدفعه: أن أداء الواجب بفعل البعض لا يقضي بوجوبه على البعض، لصحة تعلق الوجوب بالكل على وجه يؤدى الواجب بفعل البعض، حسب ما مر توضيح القول فيه.
فالحق أن يقال: إنه مع ترك الكل يتوجه استحقاق الذم والعقوبة إلى الكل، فهو شاهد على وجوبه على الكل، وأداء الواجب بفعل البعض وسقوط الذم والعقوبة على الباقين يفيد حينئذ كون الوجوب على الكل على سبيل البدلية دون الاجتماع، كما مر الكلام فيه.
الرابع: قوله تعالى: * (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة...) * (1) فإن ظاهر الآية الشريفة إيجاب النفر على الطائفة المبهمة من جهة تنكير الطائفة، ولو كان واجبا على الجميع لما خص الطائفة بالذكر في مقام بيان التكليف.
وأجاب عنه العضدي وغيره: بأن الظاهر مؤول بعد قيام الدليل على خلافه، وقد عرفت قيام الدليل على وجوبه على الجميع، فيؤول ذلك بأن فعل الطائفة مسقط للوجوب عن الجميع.
قلت: ويمكن أن يقال: إنه لما كان فعل الطائفة مسقطا للوجوب في المقام خصهم بالذكر وإن لم يختص الوجوب بهم.
والتحقيق في الجواب: ما عرفت من أن التعبير بإيجاب الفعل على الطائفة المطلقة الصادقة على كل من الآحاد لا ينافي القول بوجوبه على الجميع بدلا،