قد أشار إلى هذه الحجة في النهاية.
ويرد عليه: أن ما ذكره من الملازمة على تقدير اختصاص الوقت بالآخر ممنوع، لإمكان كونه نفلا يسقط به الفرض، كما ذهب إليه القائل به. وما ذكر من لزوم كونه عاصيا على تقدير اختصاصه بالأول غير واضح الفساد أيضا. ودعوى الاجماع على فساده ممنوع، كيف! والقائل به قد يلتزم بذلك، إلا أنه يقول بالعفو، فيكون ذلك هو الفارق بينه وبين غيره من المضيقات.
وقد يجاب عن ذلك بجعل ما ذكره بعضا من الدليل الأول، فيكون قوله:
" وأيضا... الخ " وجها آخر لإبطال دلالة اللفظ على الاختصاص بالأول أو الأخير، فيكون قد استند في إبطاله أولا إلى دعوى الظهور وكون التخصيص بأحدهما تحكما باطلا وثانيا إلى الدليل المذكور، فإنه لو كان في اللفظ دلالة على اختصاصه بأحد الوقتين لزم أحد الأمرين: من التقديم القاضي بعدم الامتثال وبقاء الاشتغال، وكون الفعل قضاء باعثا على ترتب العصيان لكونه قضاء عمديا أخذا بظاهر ما يقتضيه اللفظ من تعين الإتيان به في وقته وعدم حصول الامتثال به. نعم، لو قام دليل على الاجزاء بأحد الأمرين صح البناء عليه، وقضى بالخروج عما يقتضيه ظاهر اللفظ، لكنه غير متحقق في المقام، كما ذكره الفاضل المدقق في تعليقاته على الكتاب.
وأنت خبير بما فيه. أما أولا فلبعده جدا عن العبارة، إذ ليس فيها ما يفيد كون المقصود إبطال دلالة اللفظ عليه، وظاهر العبارة بل صريحها هو دفع اختصاص الوجوب واقعا بجزء معين، حسب ما يذهب إليه أحد الخصوم ويشير إليه: أن العلامة (رحمه الله) جعل ذلك في النهاية حجة مستقلة على المقصود بحيث لا مجال في كلامه للاحتمال المذكور.
وأما ثانيا فبأن عدم دلالة اللفظ على اختصاص الوجوب بالأول أو الآخر واضح لا مجال لتوهم دلالة اللفظ عليه، ولذا قطع به في الحجة من غير أن يستدل عليه، وفرع عليه كون الحكم بالاختصاص حينئذ تحكما باطلا فليس استناده