هذا إذا كان الواجب أمرا مستمرا، سواء كان وجوديا أو عدميا كالصوم.
وأما إذا كان مركبا ذا أجزاء كالصلاة وأريد تطبيق الفعل على أجزاء الوقت حقيقة بحيث لا يتقدم عليه شئ من أجزائه ولا يتأخر عنه فهو مشكل، بل الظاهر امتناعه بحسب العادة، وعلى فرض إمكانه فالعلم به مستحيل بحسب العادة، وما هذا شأنه لا يصح التكليف به. فما ذكر من الاتفاق على الجواز والوقوع إنما يراد به حصول ذلك في الجملة، أو المراد (1) المساواة العرفية دون الحقيقة، فلا ينافيه زيادة الوقت من أوله وآخره بمقدار يسير يعتبر في تحصيل اليقين بإيقاع الفعل في الوقت.
وأما الثالث فقد اختلفوا فيه على قولين بعد اتفاقهم على ورود ما ظاهره التوسعة في الشريعة:
أحدهما: الجواز والوقوع، وهو مختار المحققين، بل لا يعرف فيه مخالف من الأصحاب سوى ما يعزى إلى ظاهر المفيد، وحسب ما حكاه العلامة في المختلف وأشار إليه المصنف (رحمه الله). وذكر الفاضل الصالح: أنه الحق عندنا وعند كثير ممن خالفنا، وهو يومئ بإطباق الخاصة عليه. وقال الفاضل الجواد: إنه المشهور، وعليه الجمهور.
وثانيهما: المنع من جوازه، وعزاه في المبادئ إلى من لا تحقيق له، وفي النهاية إلى أبي الحسن الكرخي وجماعة من الأشاعرة وجماعة من الحنفية، واستظهره المصنف من كلام المفيد على ما حكاه العلامة، لكن ما عزاه الشيخ إليه إنما هو بالنسبة إلى الصلاة، فإنكاره لمطلق الموسع مع ما فيه من البعد غير ظاهر. وكيف كان فمنشأ الخلاف في ذلك ما أشرنا إليه في الواجب المخير، وقد نبه عليه المصنف بقوله: " لظنهم أنه يؤدي إلى ترك الواجب " وستعرف دفعه إن شاء الله تعالى.