وقد ذكر السيد العميدي في المنية هذا الجواب من دون إيراد عليه، فظاهره القول به أيضا. إلا أنه قال: ويمكن الجواب باختيار القسم الأول، والمنع من لزوم وجوب الجميع على سبيل الجمع على تقديره، وإنما يلزم ذلك لو لم يسقط الفرض إلا بالجميع، لكن لا يلزم من سقوط الفرض به عدم سقوطه بغيره، والحق أن المسقط للفرض شئ واحد وهو الأمر الكلي الصادق على كل واحد من الأفراد، وكون المجموع أو كل واحد من أفراده مسقطا إنما هو لاشتماله على ذلك الأمر الكلي، لا بخصوصه.
وظاهر ذلك بل صريحه اختيار الاحتمال الثاني. وأنت خبير بوهن الوجهين.
أما الأول فبأنه وإن اتصف كل من الأفعال المفروضة بالوجوب التخييري وعلى الوجه المذكور إلا أن الخروج عن عهدة ذلك التكليف إنما يكون بفعل واحد منها - حسب ما عرفت - فكيف يصح القول باتصاف الجميع بالوجوب مع عدم حصول الامتثال وأداء الواجب إلا بواحد منها؟ وغاية ما يلزم من وجوب الجميع على الوجه المفروض صلوح كل من تلك الأفعال أداء للواجب، وذلك لا يقضي بحصول الامتثال بكل منها على ما هو الشأن في الواجبات التعيينية.
وأما الثاني فبأن الأمر الكلي الملحوظ في المقام ليس إلا مفهوم أحدها، وقد عرفت أنه لا يصدق على المجموع قطعا، وإنما يصدق على الآحاد على سبيل البدلية، فكيف يجعل الجميع مصداقا له كالآحاد؟ ومجرد كونه كليا لا يقضي بصدقه على الكثير كصدقه على البعض، حسب ما قرر ذلك في الأوامر المتعلقة بالطبائع الكلية.
والحاصل: أن المفهوم المذكور ملحوظ على وجه لا يصدق إلا على فعل واحد، لكن ذلك الفعل يدور بين تلك الأفعال، فبملاحظة ذلك ينطبق المفهوم المذكور على كل من تلك الأفعال، فإذا أتى بأي منها قضى بالإجزاء، ولا يعقل صدقه على المتعدد أصلا، ولو سلمنا أنه كسائر الطبائع الكلية يصدق على الواحد والكثير فالقول بحصول الامتثال هناك بالكثير محل نظر، مرت الإشارة إليه في بحث المرة والتكرار.