ثم إن هناك صورا وقع الكلام في اتحاد التكليف فيها وعدمه مع تعدد الأمر لا بأس بالإشارة إليها.
وتفصيل القول في ذلك أن يقال: إنه إذا ورد أمران من الشارع فإما أن يتعلقا بمفهوم واحد، أو بمفهومين مختلفين، وعلى الأول فإما أن يكون الأمران متعاقبين، أو لا، فهاهنا مسائل:
أحدها: أن يرد من الشارع أمران متعاقبان متعلقين بمفهوم واحد، وحينئذ فإما أن يكون ذلك المفهوم قابلا للتعدد والتكرار عقلا أو شرعا أو لا، وعلى الأول فإما أن يكون الأمر الثاني معطوفا على الأول أو لا.
ثم إن ما تعلق الأمر به في المقامين إما أن يكون منكرا، أو معرفا، أو مختلفا، وعلى كل من الوجوه إما أن يقوم هناك شاهد من عرف وعادة ونحوها بالاتحاد أو لا.
فإن كان المفهوم المتعلق للأمرين غير قابل للتكرار قضى ذلك باتحاد التكليف، فيكون الثاني مؤكدا للأول إلا أن يقوم هناك شاهد على تعدد التكليف كما إذا تعدد السبب القاضي بتعلق الأمرين، إذ الظاهر حينئذ حمل الثاني على التأسيس فيفيد تأكد الوجوب واجتماع جهتين موجبتين للفعل يكون الفعل واجبا بملاحظة كل منهما، فهما واجبان اجتمعا في مصداق واحد، كما إذا قال: " اقتل زيدا لكونه مرتدا، اقتل زيدا لكونه محاربا ".
ودعوى الاتفاق على كون الأمر الثاني تأكيدا للأول مع عدم قابلية الفعل للتكرار غير متجهة على إطلاقه، ويمكن تنزيلها على غير الصورة المفروضة وإن كان قابلا للتكرار، فإن لم يكن الثاني معطوفا على الأول وكان الأول منكرا والثاني معرفا باللام فلا إشكال في الاتحاد.
وإن كانا منكرين أو ما بمنزلته كما في قوله: " صل ركعتين صل ركعتين، أو صم صم " فالظاهر اتحاد التكليف وكون الثاني تأكيدا للأول.
وقد اختلف فيه الأصوليون، فالمحكي عن قوم منهم الصيرفي اختيار