الأول من غير أن يتعدد جهة وجوبه لأجل تعدد الأمرين ليتعدد جهتا التكليف بإزائه كان الثاني تأكيدا للأول حيث لم يثبت به شئ غير ما ثبت بالأول، وخصوص تعدد الإنشاءين غير مفيد في المقام مع اتحاد الأمر المتحصل منهما، كيف! ومن البين أن المقصود من كون الثاني مؤكدا للأول ليس إلا ذلك على خلاف ما يقوله القائل بالتأسيس، حيث يقول بتعدد التكليفين ويجعل المستفاد من كل منهما واجبا غير الآخر، فالإيراد المذكور ساقط جدا بعد وضوح المقصود.
نعم، قد يدعى عدم مرجوحية التأكيد على النحو المفروض بالنسبة إلى التأسيس، لاختلاف المعنيين عند التدقيق فيتجه به الإيراد.
إلا أن الظاهر فساد ذلك أيضا، لما عرفت من أن المناط في مثل ذلك هو تعدد التكليف واتحاده، ومجرد كون الانشاء الدال عليه متعددا غير مفيد في المقام مع اتحاد التكليف الثابت بهما، فإن ذلك إنما يقضي بتعدد البيان مع اتحاد الأمر المبين بهما وهو المراد بالتأكيد في المقام.
ويوضح الحال في ذلك ملاحظة أسماء الإشارة ونحوها، فإن نحو " هذا هذا " مشيرا بهما إلى شئ واحد من التأكيد وتعدد الإنشاءين من جهة تعدد الآلة المحصلة لهما لا يقضي بنفي كون الثاني مؤكدا للأول، وذلك ظاهر.
هذا، وقد ظهر بما قررناه من وجهي القولين المذكورين وجه القول بالوقف، فإنه مبني على تكافؤ الوجهين المذكورين وتعادلهما فيتوقف بينهما.
وضعفه ظاهر بما قررنا فلا حاجة إلى إعادته.
وإن كان الأمر الثاني معطوفا على الأول وكانا منكرين نحو " صل ركعتين وصل ركعتين " حكم بتعدد التكليف، لظهور العطف فيه ورجحان التأسيس على التأكيد من غير حصول مرجح للتأكيد هنا، كما في الصورة المتقدمة، وقد نص عليه جماعة من الخاصة والعامة من غير ظهور خلاف فيه.
ولا فرق بين أن يكون المأمور به بالأمرين المفروضين معبرا بلفظ واحد أو بلفظين مختلفين وإن كان احتمال الاتحاد في الثاني متجها، لشيوع عطف التفسير