ضم الأصل اليه، فلا يصح الاستناد إليها في إثبات الوجوب إلا بعد قيام قرينة دالة عليه، هذا فيما يجري فيه أصل البراءة، وأما إذا كان ذلك في مقام جريان أصل الاحتياط فلا بد من البناء فيه على الوجوب.
والأظهر وفاقا لآخرين دلالتها على الوجوب، لاستعمالها إذن في الطلب، والطلب كما عرفت ظاهر مع الإطلاق في الوجوب منصرف اليه إلى أن يتبين خلافه حسب ما مر تفصيل القول فيه، فالحال فيها كالحال في صيغة الأمر من غير تفاوت أصلا، ولذا يتبادر منها الوجوب عند قيام القرينة على استعمالها في الطلب، وعليه يجري الأفهام العرفية كما هو الحال في الصيغة حسب ما مر.
ويعضده ملاحظة فهم الأصحاب واستنادهم إلى تلك الجمل في إثبات الوجوب في مقامات شتى.
وبذلك يظهر ضعف ما ذكر في الاحتجاج المتقدم من تعادل الوجهين ولزوم الرجوع إلى الأصل بعد التوقف بين الأمرين.
وقد يحتج له أيضا بأن الوجوب أقرب إلى الثبوت الذي هو مدلول الأخبار وإذا تعذرت الحقيقة قدم أقرب المجازات، بل ربما يقال بكون دلالتها على الاهتمام بالطلب آكد من دلالة الأمر عليه وفي كلام أهل البيان: أن البلغاء يقيمونها مقام الانشاء ليحملوا المخاطب بآكد وجه على أداء مطلوبهم، كما إذا قلت لصاحبك الذي لا يريد تكذيبك: " تأتيني غدا " لتحمله على الالتزام بالإتيان لئلا يوهم تركه له تكذيبك فيما ذكرت حيث أتيت بصورة الإخبار.
وأنت خبير بأن بلوغ الأقربية في المقام إلى حد يتعين به المجاز المذكور غير ظاهر حتى يجعل مجرد تلك الأقربية باعثة على الانصراف إلى الوجوب، والنكتة المذكورة إنما يناسب بعض المقامات العرفية وجريانها في مقام الخطابات الشرعية لا يخلو عن تأمل وإن كان قد يتوهم كونها أنسب بالمقام، إلا أن التأمل في تلك المقامات يعطي خلاف ذلك كما يشهد به الذوق السليم.