نعم، قد يحمل المقدمة الثانية على دعوى القطع بسبق تلك المعاني في إطلاق الشارع، وحينئذ يمكن حمل قوله: " اسم " على ظاهره ويراد به ذلك بالنسبة إلى استعمالات المتشرعة، إلا أنه حينئذ تكون المقدمة الثالثة - أعني خصوص دعواه عدم حصول ذلك إلا بتصرف الشارع ونقله - لغوا لثبوت المدعى حينئذ بالمقدمتين المذكورتين.
إلا أن يقال بأن تلك المقدمة ليست لإثبات مجرد كونها حقيقة بل لخصوصية كونها على سبيل التعيين حيث إن الحقيقة الشرعية هو ذلك عندهم، كما يقضي به ظاهر حدها المعروف، ويومئ اليه ظاهر الثمرة المتفرعة على القولين.
أو يراد ب " تصرف الشارع ونقله " مجرد استعمال الشارع ونقله من المعاني اللغوية إليها ولو على سبيل المجاز ويكون مقصوده من بيان ذلك وإن كان واضحا إظهار كون الشارع هو الأصل في استعمالها في المعاني الجديدة، ليتجه نسبتها إذن إلى الشارع وإن كان وصولها إلى حد الحقيقة بضميمة استعمالات المتشرعة في زمانه، وكلا الوجهين لا يخلو عن تعسف، فتأمل.
قوله: * (ثم إن هذا لم يحصل... الخ) * لا يخفى أنه لو جعل المقدمتين المتقدمتين لإثبات الحقيقة في لسان المتشرعة كما هو أحد الوجوه المذكورة ثم أريد بذلك إثبات كونه بوضع الشارع ليثبت كونها حقيقة شرعية كان ما ذكر مصادرة على المطلوب، إذ ليس ذلك إلا عين المدعى، فإن الكلام كما مر في أن وضع الألفاظ المذكورة بإزاء المعاني المعروفة هل هو من جعل الشارع وتعيينه، أو من الاشتهار في ألسنة المتشرعة؟
وليس في المقدمة المذكورة سوى دعوى كونه من جعل الشارع وتعيينه، وهو عين ذلك المدعى.
قوله: * (إنه لا يلزم من استعمالها في غير معانيها... الخ) * لا يخفى أن هذا الإيراد لا يرتبط بشئ من المقدمات المذكورة، إذ ليس في كلام المستدل استناد إلى دلالة مجرد الاستعمال على الحقيقة حتى يورد عليه بمنع ذلك.