وأيضا قد دلت الأخبار الكثيرة على أن في القرآن تبيان كل شئ (1) وأنه قد أكمل الدين بحيث لم يبق شئ إلا وبين الله تعالى حكمه لرسوله، وبينه الرسول لأمير المؤمنين (عليه السلام)، إلى غير ذلك مما يقف عليه المتتبع، وكل ذلك مناف للقول بالتفويض.
وقد يجمع بين ذلك وبين الأخبار الدالة على التفويض على أن لا يراد من التفويض المذكور هو التفويض في تشريع الأحكام، ولتفصيل الكلام فيه مقام آخر.
قوله: * (فنقول: لا نزاع في أن الألفاظ المتداولة... الخ) * هذا هو المقام الثاني من المقامات المذكورة، وقد يشكل فيما ذكره في بيان محل النزاع أن ظاهر القائل بثبوت الحقيقة الشرعية هو القول بثبوته مطلقا، كما هو ظاهر كلام المصنف (رحمه الله) وغيره ممن حرر النزاع في المسألة وعلى ما ذكره من كون النزاع في الألفاظ المتداولة في ألسنة المتشرعة الكائنة حقيقة عندهم في المعاني الشرعية يلزم أن يكون القائل بالثبوت قائلا بثبوت الحقيقة الشرعية في جميع تلك الألفاظ.
وهو بين الفساد، إذ في الألفاظ المذكورة ما لا يعلم استعمال الشارع لها في المعاني الجديدة ومع ذلك فقد يعلم كون بعضها من المصطلحات الجديدة وقد يشك فيه، وعلى فرض استعمال الشارع فيها على سبيل الندرة فقد يشك في بلوغها إلى حد الحقيقة عند قدماء الأصحاب من أرباب الكتب الفقهية فضلا عن كونها حقيقة في عهد الشارع. والقول بخلو جميع الألفاظ المتداولة عن جميع ذلك واضح الفساد.
والذي يقتضيه النظر في المقام أن هناك أمور إذا حصلت كان عليها مدار البحث في المقام، والقائل بالثبوت إنما يثبتها مطلقا بالنسبة إلى تلك الألفاظ.
أحدها: أن تكون الألفاظ متداولة في ألسنة المتشرعة من قديم الأيام، أعني