اللغوي فصدقه عليه (صلى الله عليه وآله) لا يخلو عن إشكال، إذ ظاهر معناه بحسب اللغة: هو جاعل الشرع وواضعه، كما هو المتبادر منه، فيختص به تعالى، وقد قال تعالى:
* (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) * (1) وقال: * (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا) * (2) الآية، وقد ورد " الشارع " في أسمائه تعالى.
نعم، إن فسر الشارع بمبين الشريعة صدق عليه (صلى الله عليه وآله) وقد يستند في مجيئه بالمعنى المذكور إلى نص جماعة من أهل اللغة بكون " شرع " بمعنى سن، وقد نص في القاموس بأن " سن الأمر " بمعنى بينه، لكنه حينئذ يشمل الأئمة (عليهم السلام) بل سائر العلماء المبينين للشريعة.
والظاهر الاتفاق على عدم صدقه عليهم، مضافا إلى أنه خلاف المتبادر منه في العرف، ومجئ سن بمعنى بين على فرض ثبوته لا يستلزم مجئ شرع لذلك.
قلت: ويمكن تصحيح صدقه عليه (صلى الله عليه وآله) على كل من الوجهين المذكورين:
أما على الأول فبأنه (صلى الله عليه وآله) هو الذي جعل الشرع في الظاهر ووضعه بين الناس وإن كان من تعليم إلهي، وهذا القدر كاف في تصحيح صدقه عليه.
وأما على الثاني فيقال بأنه ليس المراد مطلق المبين للشرع، لبعده عن الإطلاقات جدا، فعلى فرض مجيئه بالمعنى المذكور ينبغي أن يراد به المظهر له من أول الأمر والمبين له بعد عدم ظهوره رأسا، وكأن مراده من تفسير " سن الأمر " بمعنى بينه هو ذلك، وهو حينئذ لا يصدق على الأئمة (عليهم السلام) والعلماء.
وكيف كان، فالظاهر صدقه على الله تعالى أيضا على كل من الوجهين المذكورين، وحينئذ فلو قلنا بأن الوضع منه تعالى أو من النبي (صلى الله عليه وآله) أو منهما يصح النسبة المذكورة على كل حال.
وأما لو قلنا باختصاص الشارع بمعناه اللغوي به تعالى وقلنا بكونه حقيقة عرفية في النبي (صلى الله عليه وآله) لم يصح النسبة إلى أحد الوجهين.