مدفوع: بأن تلك الحيثية إنما تصحح الإشارة إليه، وأما المشار إليه فهو نفس الماهية من حيث هي، ألا ترى أنك لو قلت: وضع لفظ الانسان للحيوان الناطق وذلك المعنى عام لم ترد بذلك إلا الإشارة إلى ذلك المفهوم من حيث هو، لتحكم عليه بالعموم لا إلى خصوص ذلك المفهوم الخاص من حيث تقيده بالحضور في ذهنك أو ذهن السامع وإن كان ذلك الحضور مصححا للإشارة إليه كما هو الحال في المعهود، ينبهك على ذلك ملاحظة الاسم المعرف الواقع بعد ذلك في المثال المذكور، إذ لا ينبغي التأمل في كونه كليا مع أنه إشارة إلى المذكور أولا، وهو عين ما أريد بذلك، وإن قلنا بوضعها لخصوص الإشارة الحسية تعين وضعها للجزئيات الحقيقية، فتكون الاستعمالات المذكورة مجازية.
وأما الضمائر فلا ينبغي التأمل في إطلاقها على المفاهيم العامة فيما إذا كان مرجعها كليا، غاية الأمر أن لا يراد به الطبيعة المرسلة بل بملاحظة تقدمها في الذكر، وذلك لا يقضي بصيرورتها جزئيا حقيقيا كما عرفت، فما في كلام بعضهم - من الحكم بوضع الضمائر وأسماء الإشارة لخصوص الجزئيات الحقيقية لكون التعين فيهما بأمر حسي يفيد الجزئية - ليس على ما ينبغي، كما عرفت الوجه فيه.
وأما الموصولات فوضعها - بناء على القول المذكور - للأعم من الوجهين أمر ظاهر لا سترة فيه، فإن غاية ما اخذ فيها من الخصوصية هي التعينات الحاصلة بصلاتها، ومن البين أن التعين الحاصل بها كثيرا ما يكون أمرا كليا، كما في قولك:
" أكرم الذي أكرمك " و " أعط من جاءك " ونحو ذلك، ومما يوضح الحال فيها ملاحظة الموصولات المأخوذة في الحدود، فإنها إنما أوتيت بها لبيان المفاهيم الكلية، فلا يراد هناك من الموصول إلا أمرا كليا.
ومن الغريب ما يوجد في كلام بعض الأفاضل وحكي التصريح به عن العضدي في رسالته الوضعية من كون الموضوع له في كل من المبهمات الثلاثة جزئيا حقيقيا.
وأجاب عما ذكره بعضهم - من كون الصلة في نفسها أمرا كليا وضم الكلي