إلى الكلي لا يفيده تشخصا - بأن التشخص الحاصل في المقام ليس بمجرد ضم ذلك الكلي إليه، بل من جهة الإشارة به إلى ذاته المخصوصة، كما في قولك: " الذي كان معنا أمس " قال: وذلك نظير إضافة النكرة إلى المعرفة الباعثة على تعريفها، كما في قولك: " غلام زيد " فإنه وإن كان ذلك المفهوم كليا أيضا إلا أن المقصود بالإضافة هو الإشارة إلى غلام شخصي.
وفيه: أن ما ذكره لو تم فإنما يتم فيما فرضه من المثال ونظائره لا في سائر المواضع حسب ما أشرنا إليه، والبناء على اختصاص وضع الموصولات بما ذكره وكون استعمالها فيما ذكرناه من المجاز مجازفة بينة.
نعم قد اعتبرت خصوصية في المفاهيم التي وضعت بإزائها الألفاظ المذكورة تكون تلك الخصوصية جزئيا حقيقيا بالنسبة إلى كليها الملحوظ حال وضعها، فإن الحروف مثلا إنما وضعت لخصوص المفاهيم الواقعة مرآة لملاحظة حال غيرها، فتلك المفاهيم الخاصة وإن كانت كلية في نفسها في كثير من الصور لكن خصوصية وقوعها مرآة لملاحظة الحال في غيرها جزئي حقيقي من جزئيات كونها مرآة لملاحظة الغير، فلفظة " على " مثلا إنما وضعت لخصوصيات الاستعلاء الواقع مرآة لتعرف حال الغير، وحينئذ فمفهوم الاستعلاء الواقع مرآة لحال متعلقه وإن كان كليا في نفسه لكن في كونه مرآة لملاحظة حال الكون والسطح في قولك:
" كن على السطح " جزئي حقيقي من جزئيات الاعتبار المذكور.
والحاصل: أن نفس المعنى الجزئي المأخوذ مرآة لحال الغير وإن كانت كلية في نفسها إلا أن كونها مرآة لخصوص كل من متعلقاتها جزئي حقيقي بالنسبة إلى ما اعتبر فيها حال وضعها من كونها مرآة لحال غيرها، ويجري ذلك في جميع المبهمات ومعاني الأفعال، ألا ترى أن الموصول إنما وضع للشئ المتعين بصلته، وتعينه بصلته الخاصة جزئي حقيقي من جزئيات التعين بالصلة وإن كان نفس المفهوم التعين بها كليا أيضا.
وأنت خبير بأن تلك الخصوصيات لا يجعل نفس ما وضع له تلك الألفاظ