والحاصل: أن الظاهر تعلق الوضع في المشتقات بخصوص كل من تلك المصاديق كما هو معلوم من ملاحظة العرف واللغة، فإن كلا من الضارب والناصر والقائم والقاعد ونحوها موضوع لمن قام به كل من المبادئ المذكورة، لا أن الموضوع هناك أمر عام حاصل في ضمن كل واحد منها من غير تعلق الوضع بتلك الألفاظ.
ومما قررنا يظهر ضعف ما ذكره بعض الأفاضل من أن الواضع إن كان غرضه تعلق بوضع الهيئة أي ما كان على زنة فاعل لمن قام به المبدأ، فحينئذ إنما وضع لفظا كليا منطقيا لمعنى كلي منطقي، وكما يتشخص كلي اللفظ في ضمن مثل " ضارب " كذلك يتشخص كلي المعنى في ضمن من قام به الضرب، ولا يستلزم ذلك وضعا جزئيا لمعنى جزئي، بل لفظة " ضارب " من حيث إنه تحقق فيه الهيئة الكلية موضوعة لمن قام به الضرب من حيث إنه تحقق فيه المعنى الكلي، أعني من قام به المبدأ، ولا يلزم من ذلك تجوز في لفظة " ضارب " إذا أريد به من قام به الضرب، كما أنه لا يلزم التجوز في إطلاق الكلي على الفرد مثل " زيد انسان ".
وبالجملة: وضع اللفظ الكلي للمعنى الكلي مستلزم لوضع اللفظ الجزئي للمعنى الجزئي، لا أن اللفظ الجزئي موضوع للمعنى الجزئي بالاستقلال، بل بملاحظة المعنى الكلي. إنتهى.
فإنه يرد عليه أولا: أن ما ذكره - من كون الموضوع في المقام عاما منطقيا وهو ما كان على زنة فاعل - غير متجه، إذ قضية ذلك أن يكون المفهوم المذكور موضوعا بإزاء المعنى المفروض دون خصوص الألفاظ، وقد عرفت أنه في غاية البعد.
وثانيا: أن إطلاق المشتقات على معانيها بناء على ما ذكره إنما يكون حقيقة إذا أريد بها مفهوم ما قام به المبدأ لكن على وجه مخصوص، ليقال إذن يكون الخصوصية غير مقصودة من اللفظ، فيكون من قبيل إطلاق الكلي على الفرد على وجه الحقيقة، وليس المقام من ذلك لما عرفت من أن المقصود من لفظة " ضارب "