هداية المسترشدين - الشيخ محمد تقي الرازي - ج ١ - الصفحة ١٥٧
المعنى هو المقصود الأصلي الأولي من العبارة بمعنى أن لا يتقدمه مقصود أصلي آخر يكون الانتقال إليه من جهته، وإن تقدمه إرادة معنى آخر لمجرد الايصال إليه لزم خروج كثير من الاستعمالات عن الحقيقة، كما إذا كان الغرض المسوق له الكلام إفادة لازم الحكم أو كان (1) الغرض الأصلي هو التلذذ بمخاطبة المحبوب ونحو ذلك من الأغراض، مع أنه من الظاهر إدراج ذلك كله في الحقيقة، فما الفارق في المقام؟
قلت (2): من البين أن هناك لوازم لنفس الإخبار والمخاطبة ولوازم للمعنى

(1) قوله: " أو كان الغرض الأصلي هو التلذذ بمخاطبة المحبوب... الخ " لا يخفى وهن الإشكال المذكور بالنسبة إلى مثل التلذذ بمخاطبة المحبوب، لأنه اعتبر في الاستعمال كون المعنى مقصودا بالإفادة، ومن البين أن التلذذ وأشباهه من الأغراض ليست مما يقصد إفادتها للمخاطب وانتقاله إليها لوضوح عدم صلوحها للإفادة، وأن المتكلم إنما يقصد نفس حصولها في الخارج، فكان الأولى الاقتصار في تقرير الإشكال على لازم الحكم فإنه المقصود بالإفادة للمتكلم، فجعلهما من باب واحد والجواب عنهما بوجه واحد ليس على ما ينبغي.
للشيخ محمد (سلمه الله). من المطبوع (1).
(2) قوله: " قلت: من البين... الخ " محصل الجواب منع الملازمة المذكورة، وتوضيحه أن المراد بما اعتبرناه في معنى الاستعمال من كون المعنى مقصودا أصليا أن لا يكون مقصودا لمجرد الانتقال منه إلى غيره كما هو الحال في أحد وجهي الكناية، وحينئذ فلا يلزم ما ذكر من كون اللفظ مستعملا في لازم الحكم حيث يكون المقصود بالإفادة للمتكلم، إذ ليس المعنى الموضوع له حينئذ واسطة في الانتقال إلى اللازم المذكور، لوضوح أن الانتقال إلى اللازم إنما يكون بتوسط ملزومه، والمفروض أن ملزومه الإخبار والحكم دون نفس المعنى الموضوع له، فإنما يراد الانتقال إلى اللازم المفروض من ملزومه الذي هو الإخبار، والحكم لا من نفس المعنى الموضوع له. وبالجملة: ففرق بين بين قولك: " زيد كثير الرماد " وغرضك من كثرة الرماد مجرد الانتقال إلى جوده وقولك: " مات زيد " وغرضك من الإخبار بذلك مجرد انتقال المخاطب إلى علمك به، فإنهما وإن اشتركا في أن المعنى الموضوع له مراد من اللفظ فيهما، إلا أنك في المثال الأول إنما قصدت المعنى الموضوع له أعني كثرة الرماد لمجرد الانتقال منه إلى لازمه، وفي الثاني لم يقصد المعنى الموضوع له أعني موت زيد بحسب الواقع ليكون ذلك المعنى واسطة في الانتقال إلى غيره، وكون غرضك من الإخبار المذكور أن ينتقل المخاطب إلى لازم ذلك الإخبار أمر آخر لا ربط له بإرادة المعنى الموضوع له في نفسه، أي لا لأجل الانتقال منه إلى غيره، ولذا قلنا: يكون المعنى الموضوع له مقصودا أصليا من اللفظ هنا واللفظ مستعملا فيه وحقيقة، بخلاف الأول فإن المقصود للأصلي عن اللفظ فيه هو اللازم واللفظ مستعمل فيه ومجاز. للشيخ محمد (سلمه الله). من المطبوع (1).
(١٥٧)
مفاتيح البحث: الموت (1)، المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست