مثلا هو خصوص من قام به الضرب، وذلك من مصاديق من قام به المبدأ، ولم يؤخذ فيه ذلك المفهوم أصلا، وحينئذ فبعد القول بكون الموضوع له هو مفهوم ما قام به المبدأ كيف يعقل القول بكون استعماله فيما قام به الضرب حقيقة، وهو مفهوم مغاير للمفهوم المذكور قطعا.
وما ذكره من التنظير غير منطبق عليه، فإن المراد بالإنسان هناك هو مفهوم الانسان، وقد حمل على زيد لاتحاده معه، وأين ذلك مما نحن فيه، والمثال الموافق للمقام إطلاق الماشي وإرادة مفهوم الحيوان منه، نظرا إلى صدق مفهوم الماشي عليه، ولا ريب أنه ليس استعمالا له في الموضوع له أصلا، وقد يكون ذلك في بعض الصور غلطا.
وثالثا: أنه لو سلم كون ذلك استعمالا له في المفهوم المذكور المأخوذ مع الخصوصية فلا شك أنه ليس المراد به مطلق ذلك المفهوم لتكون الخصوصية مرادة من الخارج، بل لا ريب في إرادة الخصوصية من اللفظ، إذ ليس المفهوم من لفظة " ضارب " إلا خصوص من قام به المبدأ الذي هو الضرب، فليست تلك الخصوصيات مرادة إلا من نفس اللفظ، ولا شك في كون إطلاق الكلي على الفرد مجازا إذا أريد الخصوصية من اللفظ.
وقد يذب عنه: بأن الخصوصية المذكورة إنما تراد من المادة، فمعناه الهيئي على حاله من غير تصرف فيه سوى إطلاقه على ذلك، ويمكن دفع الوجه الثاني بما سيأتي الإشارة إليه إن شاء الله تعالى لو صح حمل كلامه عليه.
هذا، وقد يستدل على عدم كون الموضوع في المقام عاما بأنه لو كان كذلك لزم أن لا يكون شئ من استعمالات خصوصيات الصيغ حقيقة - ضرورة عدم تعلق الوضع بخصوص كل من تلك الأفراد المندرجة تحت ذلك الأمر العام - ولا مجازا أيضا، إذ ليس ذلك من استعمال اللفظ الموضوع في غير ما وضع له من جهة علاقته للموضوع له، بل استعمال لغير اللفظ الموضوع فيما وضع له ما يناسب ذلك اللفظ، فهو على عكس المجاز لكون وضع اللفظ هناك لمعنى مخصوص، فيستعمل