فالأولى هي حدود الأمور المذكورة والمحمولات وحدود سائر التصورات المأخوذة في التصديقات المذكورة في الفن، والثانية هي التي يتألف منها قياسات العلم، فيكون للمبادئ إطلاقان، والمراد منها في المقام هو الأخير، ولذا قوبل بالموضوع والمسائل، إذ هما الجزءان الآخران للعلوم، وحينئذ فالتعميم المذكور في المبادئ التصديقية ليس على ما ينبغي، وإنما المناسب لذلك هو المبادئ بالمعنى الأول، فلا تغفل.
وهناك إطلاق ثالث للمبادئ ذكره ابن الحاجب، وهو إطلاقه على ما يبتدأ به قبل الشروع في المقصود من الفن، والنسبة بينه وبين كل من الإطلاقين المتقدمين هي العموم من وجه.
قوله: * (عن الأحكام الخمسة... الخ) * قد يقال: إنه يبحث في علم الفقه عن سائر الأحكام الوضعية كالسببية والمانعية والشرطية وغيرها، فلا وجه لتخصيص المبحوث عنه بالأمور السبعة.
وقد يدفع: بأنه ليس في كلامه ما يفيد الحصر في المذكورات، وإنما اقتصر عليها، إذ هي الأحوال المتعلقة بأفعال المكلفين في الغالب.
وقد يقال برجوع السببية والشرطية ونحوهما إلى الأحكام المذكورة، فإن مرجع سببية الدلوك مثلا لوجوب الصلاة هو وجوب الصلاة عند الدلوك وعدم وجوبها قبله، ومعنى اشتراط البيع بالملك أو إجازة المالك عدم صحته مع انتفائهما... وهكذا.
وفيه: أن مرجع الصحة والفساد أيضا إلى الأحكام التكليفية كما نص عليه غير واحد منهم، ولذا قيل بانحصار الأحكام في الخمسة التكليفية، فإن بني على استقلال كل من التكليفية والوضعية في كونه حكما شرعيا - كما هو المختار - لزم ذكر الجميع، وإلا كان المتجه ترك ذكر الصحة والفساد أيضا.
قوله: * (من حيث كونها عوارض لأفعال المكلفين) * يرد عليه: أن اعتبار خصوص أفعال المكلفين يقضي بخروج ما كان من