وهذا البيان في التقسيم أولى مما ذكر من بناء التقسيم على امتناع فرض صدقه على كثيرين وعدمه في القسمين المذكورين، لما في لفظ الفرض من الاشتراك بين التقدير والتجويز، ولا يصح الحد إلا على الأخير، ولخروج الكلي الذي يمتنع صدقه على شئ مطلقا كشريك الباري أو على ما يزيد على الواحد كواجب الوجود عن حد الكلي واندراجه في الجزئي لعدم تجويز صدقه على كثيرين.
وقد يذب عنه بإمكان تصحيح الحد بالفرق بين استحالة الفرض وفرض المستحيل، والمذكور في الحد هو امتناع الفرض، والممتنع في الكلي المفروض إنما هو المفروض دون الفرض.
وفيه ما لا يخفى، نظرا إلى امتناع تجويز العقل ذلك في بعض الكليات مما يكون امتناع صدقها على الأفراد ضروريا كاللا شئ والممتنع، وأيضا يلزم اختلاف حال المفهوم في الكلية والجزئية باختلافه في التجويز المذكور، فإنه قبل قيام البرهان على امتناع صدقه على كثيرين يندرج في الحد المذكور، وبعد قيام البرهان عليه عند العقل يخرج عنه.
ثم إنه قد يورد على التقسيم المذكور تارة: بأن الشبح المرئي من البعيد مما يجوز العقل صدقه على أمور عديدة مع أنه ليس بكلي، وقد نص الشيخ على أن الطفل يدرك شبحا واحدا من أمه بحيث يصدق على غيرها، ولذا يتخيل أن يكون كل وارد عليه هي أمه، فيصدق ذلك على كثيرين مع كونه جزئيا حقيقيا.
وأخرى: بأن كلا من المفاهيم الجزئية مطابق لصورها التي في أذهان الجماعة، فيلزم أن يكون كليا.
وما يقال من أن الكلية والجزئية من العوارض الذهنية فهي إنما تعرض للمفاهيم الحاصلة في الذهن دون الأمور الخارجية.
مدفوع: بأنا لا نلاحظ المفهوم المذكور من حيث وجوده في الخارج، بل من حيث تصور المتصور له، فإن ذلك المفهوم الحاصل في العقل مع كونه جزئيا