أو مساويا للكل، فإن عروض إدراك الكليات للإنسان إن جعل بتوسط مبدأ الناطق فهو أمر مباين للإنسان، ضرورة عدم صحة حمله عليه، وإن اخذ المشتق واسطة فيه فإن أريد به مصداقه فليس أمرا وراء الانسان، فلا يتحقق واسطة في المقام، وإن أريد به نفس المفهوم ففيه: أن عروض الإدراك له في الخارج إنما هو بتوسط صورته الخارجية المباينة في الوجود لمادته، وقضية ذلك مباينته للكل أيضا لا بمجرد المفهوم الملحوظ على النحو المذكور، حسب ما ذكر في الوسائط الخارجية.
فالتحقيق في المقام أن يقال: إن ما يحمل على الماهية من الذاتيات والعرضيات لها اتحاد مع الماهية من جهة ومغايرة من أخرى، فالذاتيات في المركبات الخارجية والعرضيات في الصفات الخارجية مغايرة للكل، والمعروض من وجه متحدة معه في وجه آخر، وفي غيرها إنما يكون المغايرة في العقل، إذ المفروض فيها انتفاء التركيب والعروض في الخارج، ويدل على ما ذكرناه في المقامين حكمهم بقيام الصورة بالمادة وقيام العرض بموضوعه، ومن البين استلزام ذلك تغاير الأمرين في الخارج ووضوح صحة حمل الأجزاء والعوارض على الماهية ومدار الحمل على الاتحاد في الوجود، فاللازم من ذلك هو ما قلناه من الاتحاد في وجه والتغاير في آخر، فالذاتيات من حيث المغايرة مادة وصورة، ومن حيث الاتحاد جنس وفصل، والعرضيات من حيث التغاير عرض وموضوع، ومن حيث الاتحاد عرضي وماهية مثلا.
فإن قلت: إن المحمول في تلك المقامات إنما هو المشتقات دون مبادئها، والذات مأخوذة في المشتقات وهو المصحح للحمل، إذ المفروض اتحاد الانسان والذات التي ثبت لها النطق أو البياض مثلا، وهي مغايرة للمبادئ المفروضة مغايرة حقيقية لا اتحاد بينهما بوجه.
قلت: مع أنه من المقرر أن الملحوظ في جهة المحمول هو المفهوم دون الذات، يرد عليه أن المحمول حينئذ إنما يكون تلك الذات المأخوذة في