وقد أجاب عنه المحقق الدواني بوجهين:
أحدهما: أن ما ذكروه في حد الموضوع طي في العبارة، ومعناه ما يبحث (1) فيه عن عوارضه الذاتية أو عن العوارض الذاتية لأنواعه أو لأعراضه الذاتية، وكأنهم أجملوه في المقام ثقة بما فصلوه في موضوعات المسائل.
ثانيهما: الفرق بين محمول العلم ومحمول المسألة كما فرقوا بين موضوعيهما، فمحمول العلم ما ينحل إليه تلك الأحوال التي هي محمولات المسائل، وهو المفهوم المردد بين جميعها، وهو عرض ذاتي لموضوع العلم وإن كان كل واحد عرضا غريبا بالنظر إليه.
ويضعف الوجهين مع ما فيهما من التعسف: أن الأول يقضي باختلاط العلوم وعدم امتياز العلم الأدنى عن الأعلى كسائر العلوم بالنسبة إلى علم الإلهي، حيث نصوا على أن الموضوعات في سائر العلوم من العوارض الذاتية لموضوع علم الإلهي، فيكون البحث عن عوارضها الذاتية المذكورة في سائر العلوم المدونة مندرجا في الإلهي حسب ما ذكره في التوجيه، وقد يجعل من ذلك علم الطب بالنسبة إلى الطبيعي، إذ الموضوع فيه من أنواع الجسم الطبيعي من حيث الصحة والمرض، وهما من العوارض الذاتية له، والثاني إنما يتم لو كان الملحوظ في تلك المباحث ما ذكر من القدر المشترك وليس كذلك، إذ المبحوث عنه في الموارد المذكورة إنما هو الأحوال الخاصة، وليس القدر المشترك إلا اعتبارا صرفا لا يلحظ حين البحث أصلا.
وتنظير ذلك بإرجاع الموضوع في المسائل والأبواب إلى موضوع الفن غير متجه، لوضوح الفرق، ضرورة أن البحث عن كل منها بحث عن موضوع الفن، وهذا بخلاف إرجاع المحمولات إلى المفهوم المردد، فإن إثبات تلك المحمولات ليس إثباتا للمفهوم المردد قطعا، نعم غاية الأمر استلزام ذلك صدقه، وليس ذلك