وانما قلنا ذلك لما نبينه فيما بعد من المنع من جواز تخصيص العموم بأخبار الآحاد إن شاء الله تعالى.
ومنها: أن يكون الخبر موافقا للسنة المقطوع بها من جهة التواتر، فان ما يتضمنه الخبر الواحد إذا وافقه مقطوع على صحته أيضا وجواز (1) * العمل به وان لم يكن ذلك دليلا على صحة نفس الخبر لجواز (2) أن يكون الخبر كذبا وان وافق السنة المقطوع بها.
ومنها: أن يكون موافقا لما أجمعت الفرقة المحقة عليه، فإنه متى كان كذلك دل أيضا على صحة متضمنه.
ولا يمكننا أيضا أن نجعل اجماعهم دليلا على صحة نفس الخبر، لأنهم يجوز أن يكونوا أجمعوا على ذلك عن دليل غير هذا الخبر، أو خبر غير هذا الخبر ولم ينقلوه استغناءا باجماعهم على العمل به، ولا يدل ذلك على صحة نفس هذا الخبر.
فهذه القرائن كلها تدل على صحة متضمن أخبار الآحاد، ولا يدل على صحتها أنفسها لما بينا من جواز أن تكون الاخبار مصنوعة وان وافقت هذه الأدلة فمتى تجرد الخبر عن واحد من هذه القرائن كان خبر واحد محضا ثم ينظر فيه فان كان ما تضمنه هذا الخبر هناك ما يدل على خلاف متضمنه من كتاب أو سنة أو اجماع وجب اطراحه والعمل بما دل الدليل عليه وان كان ما تضمنه ليس هناك ما يدل على العمل بخلافه ولا يعرف فتوى الطائفة فيه نظر فان كان هناك خبر آخر يعارضه مما يجرى مجراه وجب ترجيح أحدهما على الاخر، وسنبين من بعد ما يرجح به الاخبار بعضها على بعض.
وان لم يكن هناك خبر آخر مخالفه (3) وجب العمل به لان ذلك اجماع منهم