عرفي أو شرعي، ألا ترى ان لفظة (الدابة) ووضعت في الأصل لكل ما دب، ثم اختصت في العرف بشئ (1) بعينه، وكذلك لفظة (الصلاة) في الأصل للدعاء، ثم اختصت في الشرع بأفعال بعينها، وكذلك لفظة (النكاح) وما جرى مجرى ذلك، فيعلم أنه حقيقة وان لم تطرد، لما بيناه من العرف والشرع.
ومنها: أن يعلم أن للفظه حكما وتصرفا من اشتقاق، أو تثنية، أو جمع، أو تعلق بالغير (2) *، فإذا استعملت في موضع هذه الأحكام منتفية عنه علم أنه مجازا، ولذلك قلنا: ان لفظة الامر حقيقة في القول ومجاز في الفعل، لان الاشتقاق لا يصح في الفعل ويصح في القول.
ومنها: أن يعلم أن تعلقها بالمذكور لا يصح، فيحكم ان هناك حذفا وان اللفظ مجاز ولذلك قلنا إن قوله: " واسئل القرية " (3) مجاز، وكذلك قوله: " إلى ربها ناظرة " (4) على أحد التأويلات.
ومنها: أن يستعمل في الشئ من حيث كان جزاءا لغيره، نحو قوله تعالى:
" وجزاء سيئة سيئة مثلها " (5) لان الجزاء في الحقيقة لا يكون سيئة، ولهذا قال أهل اللغة الجزاء بالجزاء، ومعلوم ان الأول ليس جزاء، ولذلك نظائر كثيرة.
ومنها: ان يستعمل في الشئ لأنه يفضى إلى غيره كقولهم: (حضره الموت) (6) * إذا خيف عليه من مرضه، ونحو قولنا: ان النكاح اسم للوطء، حقيقة ومجاز في العقد لأنه موصل إليه، وان كان بعرف الشرع قد اختص بالعقد كلفظة (الصلاة) وغيرها.