واغفر لأبي إنه كان من الضالين (86) ولا تخزني يوم يبعثون (87) يوم لا ينفع مال ولا بنون (88) إلا من أتى الله بقلب سليم (89) وهذا سؤال من إبراهيم عليه السلام أن يؤتيه ربه حكما. قال ابن عباس وهو العلم، وقال عكرمة هو اللب، وقال مجاهد هو القرآن، وقال السدي هو النبوة. وقوله: " وألحقني بالصالحين " أي اجعلني مع الصالحين في الدنيا والآخرة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عند الاحتضار " اللهم في الرفيق الاعلى " قالها ثلاثا. وفي الحديث في الدعاء " اللهم أحينا مسلمين وأمتنا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مبدلين " وقوله: " واجعل لي لسان صدق في الآخرين " أي واجعل لي ذكرا جميلا بعدي أذكر به ويقتدى بي في الخير كما قال تعالى: " وتركنا عليه في الآخرين * سلام على إبراهيم * كذلك نجزي المحسنين " قال مجاهد وقتادة " واجعل لي لسان صدق في الآخرين " يعني الثناء الحسن قال مجاهد كقوله تعالى: " وآتيناه في الدنيا حسنة " الآية كقوله: " وآتيناه أجره في الدنيا " الآية. قال ليث ابن أبي سليم كل ملة تحبه وتتولاه وكذا قال عكرمة. وقوله تعالى:
" واجعلني من ورثة جنة النعيم " أي أنعم علي في الدنيا ببقاء الذكر الجميل بعدي وفي الآخرة بأن تجعلني من ورثة جنة النعيم. وقوله: " واغفر لأبي " الآية كقوله: " ربنا اغفر لي ولوالدي " وهذا مما رجع عنه إبراهيم عليه السلام كما قال تعالى: " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه - إلى قوله - إن إبراهيم لاواه حليم " وقد قطع تعالى الالحاق في استغفاره لأبيه فقال تعالى: " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه - إلى قوله - وما أملك لك من الله من شئ " وقوله: " ولا تخزني يوم يبعثون " أي أجرني من الخزي يوم القيامة ويوم يبعث الخلائق أولهم وآخرهم. وقال البخاري عند هذه الآية قال إبراهيم بن طهمان عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يلقى إبراهيم يوم القيامة أباه عليه الغبرة والقترة " وفي رواية أخرى حدثنا إسماعيل حد ثنا أخي عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يلقى إبراهيم أباه فيقول يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون فيقول الله تعالى إني حرمت الجنة على الكافرين " هكذا رواه عند هذه الآية. وفي أحاديث الأنبياء بهذا الاسناد بعينه منفردا به ولفظه " يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له إبراهيم ألم أقل لك لا تعصيني فيقول أبوه فاليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون فأي خزي أخزى من أبي الابعد؟ فيقول الله تعالى إني حرمت الجنة على الكافرين ثم يقول يا إبراهيم انظر تحت رجلك فينظر فإذا هو بذيخ متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار " ورواه عبد الرحمن النسائي في التفسير من سننه الكبير وقوله: " ولا تخزني يوم يبعثون " أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن محمد بن عبد الرحمن عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغبرة والقترة وقال له قد نهيتك عن هذا فعصيتني. قال لكني اليوم لا أعصيك واحدة، قال يا رب وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون فإن أخزيت أباه فقد أخزيت الابعد. قال يا إبراهيم إني حرمتها على الكافرين فأخذ منه. قال يا إبراهيم أين أبوك؟ قال أنت أخذته مني. قال انظر أسفل منك فنظر فإذا ذيخ يتمرغ في نتنه فأخذ بقوائمه فألقي في النار " وهذا إسناد غريب وفية نكارة والذيخ هو الذكر من الضباع كأنه حول آذر إلى صورة ذيخ متلطخ بعذرته فيلقى في النار كذلك. وقد رواه البزار باسناده من حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه غرابة. ورواه أيضا من حديث قتادة عن جعفر بن عبد الغافر عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وقوله: " يوم لا ينفع مال ولا بنون " أي لا يقي المرء من عذاب الله ماله ولو افتدى بملء ء الأرض ذهبا " ولا بنون " أي ولو افتدى بمن على الأرض جميعا ولا ينفع يومئذ