إلا الايمان بالله وإخلاص الدين له والتبري من الشرك وأهله ولهذا قال: " إلا من أتى الله بقلب سليم " أي سالم من الدنس والشرك قال ابن سيرين القلب السليم أن يعلم أن الله حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، وقال ابن عباس " إلا من أتى الله بقلب سليم " القلب السليم أن يشهد أن لا إله إلا الله، وقال مجاهد والحسن وغيرهما " بقلب سليم " يعني من الشرك، وقال سعيد بن المسيب القلب السليم هو القلب الصحيح وهو قلب المؤمن لان قلب الكافر والمنافق مريض قال الله تعالى: " في قلوبهم مرض " قال أبو عثمان النيسابوري هو القلب السالم من البدعة المطمئن إلى السنة.
وأزلفت الجنة للمتقين (90) وبرزت الجحيم للغاوين (91) وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون (92) من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون (93) فكبكبوا فيها هم والغاوون (94) وجنود إبليس أجمعون (95) قالوا وهم فيها يختصمون (96) تالله إن كنا لفي ضلل مبين (97) إذ نسويكم برب العلمين (98) وما أضلنا إلا المجرمون (99) فما لنا من شفعين (100) ولا صديق ميم (101) فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين (102) إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين (103) وإن ربك لهو العزيز الرحيم (104) " وأزلفت الجنة " أي قربت وأدنيت من أهلها مزخرفة مزينة لناظريها وهم المتقون الذين رغبوا فيها على ما في الدنيا وعملوا لها في الدنيا " وبرزت الجحيم للغاوين " أي أظهرت وكشف عنها وبدت منها عنق فزفرت زفرة بلغت منها القلوب الحناجر وقيل لأهلها تقريعا وتوبيخا " أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون " أي ليست الآلهة التي عبدتموها من دون الله من تلك الأصنام والأنداد تغني عنكم اليوم شيئا ولا تدفع عن أنفسها فإنكم وإياها اليوم حصب جهنم أنتم لها واردون، الأصنام والأنداد تغني عنكم اليوم شيئا ولا تدفع عن أنفسها فإنكم وإياها اليوم حصب جهنم أنتم لها واردون. وقوله: (فكبكبوا فيها هم والغاوون) قال مجاهد يعني فدهوروا فيها، وقال غيره كبوا فيها والكاف مكررة كما يقال صرصر والمراد أنه ألقي بعضهم على بعض من الكفار وقادتهم الذين دعوهم إلى الشرك (وجنود إبليس أجمعون) أي ألقوا فيها عن آخرهم (قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين) أي يقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار ويقولون وقد عادوا على أنفسهم بالملامة (تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين) أي نجعل أمركم مطاعا كما يطاع أمر رب العالمين وعبدناكم مع رب العالمين (وما أضلنا إلا المجرمون) أي ما دعانا إلى ذلك إلا المجرمون (فما لنا من شافعين) قال بعضهم يعني من الملائكة كما يقولون (فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل) وكذا قالوا: (فمالنا من شافعين * ولا صديق حميم) أي قريب، قال قتادة يعلمون والله أن الصديق إذا كان صالحا نفع وأن الحميم إذا كان صالحا شفع. (فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين) وذلك أنهم يتمنون أن يردون إلى دار الدنيا ليعملوا بطاعة ربهم فيما يزعمون والله تعالى يعلم أنهم لو ردوا إلى دار الدنيا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون، وقد أخبر الله تعالى عن تخاصم أهل النار في سورة ص ثم قال تعالى: (إن ذلك لحق تخاصم أهل النار) ثم قال تعالى (إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين) أي أن في محاجة إبراهيم لقومه وإقامة الحجج عليهم في التوحيد لآية أي لدلالة واضحة جلية على أن لا إله إلا الله (وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم).
كذبت قوم نوح المرسلين (105) إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون (106) إني لكم رسول أمين (107) فاتقوا الله وأطيعون (108) وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين (109) فاتقوا الله وأطيعون (110)