أنه كسف القمر تلك الليلة فالله أعلم. وأن موسى عليه السلام سأل عن قبر يوسف عليه السلام فدلته امرأة عجوز من بني إسرائيل عليه فاحتمل تابوته معهم ويقال إنه هو الذي حمله بنفسه عليهما السلام وكان يوسف عليه السلام قد أوصى بذلك إذا خرج بنو إسرائيل أن يحتملوه معهم، وقد ورد في ذلك حديث رواه ابن أبي حاتم رحمه الله فقال: حدثنا علي بن الحسين حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح حدثنا ابن فضيل عن يونس بن أبي إسحاق عن ابن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعرابي فأكرمه فقال له رسول الله " تعاهدنا " فأتاه الاعرابي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما حاجتك؟ " قال ناقة برحلها وعنز يحتلبها أهلي، فقال " أعجزت أن تكون مثل عجوز بني إسرائيل؟ " فقال له أصحابه وما عجوز بني إسرائيل يا رسول الله؟ قال " إن موسى عليه السلام لما أراد أن يسير ببني إسرائيل أضل الطريق فقال لبني إسرائيل ما هذا؟ فقال له علماء بني إسرائيل نحن نحدثك أن يوسف عليه السلام لما حضرته الوفاة أخذ علينا موثقا من الله أن لا نخرج من مصر حتى ننقل تابوته معنا فقال لهم موسى فأيكم يدري أين قبر يوسف؟ قالوا ما يعلمه إلا عجوز من بني إسرائيل، فأرسل إليها فقال لها دليني على قبر يوسف، فقالت والله لا أفعل حتى تعطيني حكمي، فقال لها وما حكمك؟ قالت حكمي أن أكون معك في الجنة، فكأنه ثقل عليه ذلك فقيل له أعطها حكمها، قال فانطلقت معهم إلى بحيرة - مستنقع ماء - فقالت لهم انضبوا هذا الماء فلما أنضبوه قالت احفروا، فلما حفروا استخرجوا قبر يوسف فلما احتملوه إذا الطريق مثل ضوء النهار، وهذا حديث غريب جدا والأقرب أنه موقوف والله أعلم: فلما أصبحوا وليس في ناديهم داع ولا مجيب غاظ ذلك فرعون واشتد غضبه على بني إسرائيل لما يريد الله به من الدمار، فأرسل سريعا في بلاده حاشرين أي من يحشر الجند ويجمعه كالنقباء والحجاب ونادى فيهم " إن هؤلاء " يعني بني إسرائيل " لشرذمة قليلون " أي لطائفة قليلة " وإنهم لنا لغائظون " أي كل وقت يصل منهم إلينا ما يغيظنا " وإنا لجميع حاذرون " أي نحن كل وقت نحذر من غائلتهم: وقرأ طائفة من السلف " وإنا لجميع حاذرون " أي مستعدون بالسلاح، وإني أريد أن أستأصل شأفتهم وأبيد خضراءهم فجوزي في نفسه وجنده بما أراد لهم، قال الله تعالى " فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم " أي فخرجوا من هذا النعيم إلى الجحيم وتركوا تلك المنازل العالية والبساتين والأنهار والأموال والأرزاق والملك والجاه الوافر في الدنيا " كذلك وأورثناها بني إسرائيل " كما قال تعالى " وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها " الآية وقال تعالى " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " الآيتين.
فأتبعوهم مشرقين (60) فلما تراءا الجمعان قال أصحب موسى إنا لمدركون (61) قال كلا إن معي ربي سيهدين (62) فأوحينا إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم (63) وأزلفنا ثم الآخرين (64) وأنجينا موسى ومن معه أجمعين (65) ثم أغرقنا الآخرين (66) إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين (67) وإن ربك لهو العزيز الرحيم (68) ذكر غير واحد من المفسرين أن فرعون خرج في محفل عظيم وجمع كبير هو عبارة عن مملكة الديار المصرية في زمانه أولي الحل والعقد والدول من الامراء والوزراء والكبراء والرؤساء والجنود، فأما ما ذكره غير واحد من الإسرائيليات من أنه خرج في ألف ألف وستمائة ألف فارس منها مائة ألف على خيل دهم ففيه نظر: وقال كعب الأحبار فيهم ثمانمائة ألف حصان أدهم وفي ذلك نظر، والظاهر أن ذلك من مجازفات بني إسرائيل والله سبحانه وتعالى أعلم، والذي أخبر به القرآن هو النافع ولم يعين عدتهم إذ لا فائدة تحته لانهم خرجوا بأجمعهم " فأتبعوهم مشرقين " أي وصلوا إليهم عند شروق الشمس وهو طلوعها " فلما تراءى الجمعان " أي رأى كل من الفريقين صاحبه فعند ذلك " قال