حديث الوليد بن مسلم عن محمد بن مهاجر به. وقوله تعالى: (سلام قولا من رب رحيم) قال ابن جرير قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (سلام قولا من رب رحيم) فإن الله تعالى نفسه سلام على أهل الجنة وهذا الذي قال ابن عباس رضي الله عنهما كقوله تعالى: (تحيتهم يوم يلقونه سلام). وقد روى ابن أبي حاتم ههنا حديثا وفي إسناده نظر فإنه قال: حدثنا موسى بن يوسف حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا أبو عاصم العبداني حدثنا الفضل الرقاشي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع عليهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب تعالى قد أشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا أهل الجنة فذلك قوله تعالى: (سلام قولا من رب رحيم) قال فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتون إلى شئ من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته عليهم وفي ديارهم " ورواه ابن ماجة في كتاب السنة من سننه عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب به. وقال ابن جرير حدثنا يونس بن عبد الاعلى أخبرنا ابن وهب حدثنا حرملة عن سليمان بن حميد قال سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: إذا فرغ الله تعالى من أهل الجنة والنار أقبل في ظلل من الغمام والملائكة قال فيسلم على أهل الجنة فيردون عليه السلام قال القرظي وهذا في كتاب الله تعالى (سلام قولا من رب رحيم) فيقول الله عز وجل سلوني فيقولون ماذا نسألك أي رب؟ قال بلى سلوني قالوا نسألك أي رب رضاك قال رضائي أحلكم دار كرامتي قالوا يا رب فما الذي نسألك فوعزتك وجلالك وارتفاع مكانك لو قسمت علينا رزق الثقلين لا طعمناهم ولأسقيناهم ولألبسناهم ولا خدمناهم لا ينقصنا ذلك شيئا قال تعالى إن لدي مزيدا قال فيفعل ذلك بهم في درجهم حتى يستوي في مجلسه قال ثم تأتيهم التحف من الله عز وجل تحملها إليهم الملائكة ثم ذكر نحوه. وهذا خبر غريب أورده ابن جرير من طرق والله أعلم.
وامتازوا اليوم أيها المجرمون (59) * ألم أعهد إليكم يا بني ادم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين (60) وأن اعبدوني هذا صرط مستقيم (61) ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون (62) يقول تعالى مخبرا عما يؤول إليه حال الكفار يوم القيامة من أمره لهم أن يمتازوا بمعنى يميزون عن المؤمنين في موقفهم كقوله تعالى: (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم) وقال عز وجل (ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون) (يومئذ يصدعون) أي يصيرون صدعين فرقتين (احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم) وقوله تعالى: (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين) هذا تقريع من الله تعالى للكفرة من بني آدم الذين أطاعوا الشيطان وهو عدو لهم مبين وعصوا الرحمن وهو الذي خلقهم ورزقهم ولهذا قال تعالى: (وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم) أي قد أمرتكم في دار الدنيا بعصيان الشيطان وأمرتكم بعبادتي وهذا هو الصراط المستقيم فسلكتم غير ذلك واتبعتم الشيطان فيما أمركم به ولهذا قال عز وجل (ولقد أضل منكم جبلا كثيرا) يقال جبلا بكسر الجيم وتشديد اللام ويقال جبلا بضم الجيم والباء وتخفيف اللام ومنهم من يسكن الباء والمراد بذلك الخلق الكثير قاله مجاهد وقتادة والسدي وسفيان بن عيينة. وقوله تعالى: (أفلم تكونوا تعقلون) أي أفما كان لكم عقل في مخالفة ربكم فيما أمركم به من عبادته وحده لا شريك له وعدو لكم إلى اتباع الشيطان. قال ابن جريج حدثنا كريب حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن إسماعيل بن رافع عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا كان يوم القيامة أمر الله تعالى جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم يقول (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم * ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون * هذه جهنم التي كنتم توعدون) (وامتازوا اليوم أيها المجرمون) فيتميز الناس ويجثون وهي التي يقول الله عز وجل