والعمل الصالح يرفعه) وحدثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية أخبرنا سعيد بن الجريري عن عبد الله بن شقيق قال: قال كعب الأحبار إن لسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لدويا حول العرش كدوي النحل يذكرن لصاحبهن والعمل الصالح في الخزائن، وهذا إسناد صحيح إلى كعب الأحبار رحمة الله عليه وقد روي مرفوعا. قال الإمام أحمد حدثنا ابن نمير حدثنا موسى يعني ابن أبي مسلم الطحان عن عون بن عبد الله عن أبيه أو عن أخيه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الذين يذكرون الله من جلال الله من تسبيحه وتكبيره وتحميده وتهليله يتعاطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن ألا يحب أحدكم أن لا يزال له عند الله شئ يذكر به " وهكذا رواه ابن ماجة عن أبي بشر بكر بن خلف عن يحيى بن سعيد القطان عن موسى بن أبي مسلم الطحان عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه أو عن أخيه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه به. وقوله تعالى: (والعمل الصالح يرفعه) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما الكلم الطيب ذكر الله تعالى يصعد به إلى الله عز وجل والعمل الصالح أداء الفريضة فمن ذكر الله تعالى في أداء فرائضه حمل عمله ذكر الله تعالى يصعد به إلى الله عز وجل ومن ذكر الله تعالى ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله فكان أولى به وكذا قال مجاهد العمل الصالح يرفعه الكلام الطيب وكذا قال أبو العالية وعكرمة وإبراهيم النخعي والضحاك والسدي والربيع بن أنس وشهر بن حوشب وغير واحد وقال إياس بن معاوية القاضي لولا العمل الصالح لم يرفع الكلام وقال الحسن وقتادة لا يقبل قول إلا بعمل.
وقوله تعالى (والذين يمكرون السيئات) قال مجاهد وسعيد بن جبير وشهر بن حوشب هم المراءون بأعمالهم يعني يمكرون بالناس يوهمون أنهم في طاعة الله تعالى وهم بغضاء إلى الله عز وجل يراءون بأعمالهم (ولا يذكرون الله إلا قليلا) وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم هم المشركون والصحيح أنها عامة والمشركون داخلون بطريق الأولى ولهذا قال تعالى: (لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور) أي يفسد ويبطل ويظهر زيفهم عن قريب لاولي البصائر والنهي فإنه ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه وما أسر أحد سريرة إلا كساه الله تعالى رداءها إن خيرا فخير وإن شرا فشر فالمرائي لا يروج أمره ويستمر إلا على غبي أما المؤمنون المتفرسون فلا يروج ذلك عليهم بل ينكشف لهم عن قريب وعالم الغيب لا تخفى عليه خافية. وقوله تبارك وتعالى (والله خلقكم من تراب ثم من نطفة) أي ابتدأ خلق أبيكم آدم من تراب ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين (ثم جعلكم أزواجا) أي ذكرا وأنثى لطفا منه ورحمة أن جعل لكم أزواجا من جنسكم لتسكنوا إليها وقوله عز وجل (وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه) أي هو عالم بذلك لا يخفى عليه من ذلك شئ بل (ما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) وقد تقدم الكلام على قوله تعالى: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شئ عنده بمقدار * عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال) وقوله عز وجل (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب) أي ما يعطي بعض النطف من العمر الطويل يعلمه وهو عنده في الكتاب الأول (وما ينقص من عمره) الضمير عائد على الجنس لا على العين لان الطويل العمر في الكتاب وفي علم الله تعالى لا ينقص من عمره وإنما عاد الضمير على الجنس قال ابن جرير وهذا كقولهم عندي ثوب ونصفه أي ونصف ثوب آخر وروي من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير) يقول ليس أحد قضيت له بطول العمر والحياة إلا وهو بالغ ما قدرت له من العمر وقد قضيت ذلك له فإنما ينتهي إلى الكتاب الذي قدرت لا يزاد عليه وليس أحد قدرت له أنه قصير العمر والحياة يبالغ العمر ولكن ينتهي إلى الكتاب الذي كتبت له فذلك قوله تعالى: (ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير) يقول كل ذلك في كتاب عنده وهكذا قال الضحاك بن مزاحم وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه (ولا ينقص من عمره إلا في كتاب) قال ما لفظت الأرحام من الأولاد من غير تمام وقال عبد الرحمن في تفسيرها ألا ترى الناس يعيش الانسان مائة سنة وآخر يموت حين يولد فهذا هذا وقال قتادة والذي ينقص من عمره فالذي يموت قبل ستين