وقوله " ويقولون متى هو " إخبار عنهم بالاستبعاد منهم لوقوع ذلك كما قال تعالى " ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين " وقال تعالى " يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها " وقوله " قل عسى أن يكون قريبا " أي احذروا ذلك فإنه قريب إليكم سيأتيكم لا محالة فكل ما هو آت آت. وقوله تعالى " يوم يدعوكم " أي الرب تبارك وتعالى " إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون " أي إذا أمركم بالخروج منها فإنه لا يخالف ولا يمانع بل كما قال تعالى " وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر " " إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون " وقوله " فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة " أي إنما هو أمر واحد بانتهار فإذا الناس قد خرجوا من باطن الأرض إلى ظاهرها كما قال تعالى " يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده " أي تقولون كلكم إجابة لامره وطاعة لإرادته. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس فتستجيبون بحمده أي بأمره وكذا قال ابن جريج وقال قتادة بمعرفته وطاعته وقال بعضهم " يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده " أي وله الحمد في كل حال. وقد جاء في الحديث " ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم كأني بأهل لا إله إلا الله يقومون من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم يقولون لا إله إلا الله وفي رواية يقولون " الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن " وسيأتي في سورة فاطر. وقوله تعالى " وتظنون " أي يوم تقومون من قبوركم " إن لبثتم " أي في الدار الدنيا " إلا قليلا " وكقوله تعالى " كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها " وقال تعالى " يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا * يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا * نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما " وقال تعالى " ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون " وقال تعالى " قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ".
وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان كان للانسان عدوا مبينا (53) يأمر تبارك وتعالى عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة فإنهم إن لم يفعلوا ذلك نزغ الشيطان بينهم وأخرج الكلام إلى الفعال ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة فإنه عدو لآدم وذريته من حين امتنع من السجود لآدم وعداوته ظاهرة بينة ولهذا نهى أن يشير الرجل إلى أخيه المسلم بحديدة فإن الشيطان ينزغ في يده أي فربما أصابه بها.
وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يشيرن أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان أن ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار " أخرجاه من حديث عبد الرزاق. وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان حدثنا حماد أنبأنا علي بن زيد عن الحسن قال حدثني رجل من بني سليط قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في رفلة من الناس فسمعته يقول " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله التقوى ههنا " قال حماد وقال بيده إلى صدره " وما تواد رجلان في الله ففرق بينهما إلا حدث يحدثه أحدهما والمحدث شر والمحدث شر والمحدث شر ".
ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا (54) وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا (55) يقول تعالى " ربكم أعلم بكم " أيها الناس أي أعلم بمن يستحق منكم الهداية ومن لا يستحق " إن يشأ يرحمكم بأن يوفقكم لطاعته والإنابة إليه " أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك " يا محمد " عليهم وكيلا " أي إنما