سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن مصعب بن زهير به أطول من هذا وتفرد به وقال ابن جرير حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي حدثنا محمد بن يعلى عن موسى بن عبيدة عن زيد بن أسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أخبركم بشئ أمر به نوح ابنه؟ إن نوحا عليه السلام قال لابنه يا بني آمرك أن تقول سبحان الله فإنها صلاة الخلق وتسبيح الخلق وبها يرزق الخلق " قال الله تعالى " وإن من شئ إلا يسبح بحمده " إسناده فيه ضعف فإن الأودي ضعيف عند الأكثرين وقال عكرمة في قوله تعالى " وإن من شئ إلا يسبح بحمده " قال الأسطوانة تسبح والشجرة تسبح - الأسطوانة السارية - وقال بعض السلف صرير الباب تسبيحه وخرير الماء تسبيحه قال الله تعالى: " وإن من شئ إلا يسبح بحمده " وقال سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال الطعام يسبح ويشهد لهذا القول آية السجدة في الحج وقال آخرون إنما يسبح من كان فيه روح يعنون من حيوان ونبات قال قتادة في قوله: " وإن من شئ إلا يسبح بحمده " قال كل شئ فيه روح يسبح من شجر أو شئ فيه وقال الحسن والضحاك في قوله: " وإن من شئ إلا يسبح بحمده " قالا كل شئ فيه الروح.
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن حميد حدثنا يحيى بن واضح وزيد بن حباب قالا حدثنا جرير أبو الخطاب قال كنا مع يزيد الرقاشي ومعه الحسن في طعام فقدموا الخوان فقال يزيد الرقاشي يا أبا سعد يسبح هذا الخوان؟ فقال كان يسبح مرة - قلت الخوان هو المائدة من الخشب - فكأن الحسن رحمه الله ذهب إلى أنه لما كان حيا فيه خضرة كان يسبح فلما قطع وصار خشبة يابسة انقطع تسبيحه وقد يستأنس لهذا القول بحديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ثم غرز في كل قبر واحدة ثم قال " لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا " أخرجاه في الصحيحين قال بعض من تكلم على هذا الحديث من العلماء إنما قال ما لم ييبسا لأنهما يسبحان ما دام فيهما خضرة فإذا يبسا انقطع تسبيحهما والله أعلم وقوله: " إنه كان حليما غفورا " أي إنه لا يعاجل من عصاه بالعقوبة بل يؤجله وينظره فإن استمر على كفره وعناده أخذه أخذ عزيز مقتدر كما جاء في الصحيحين " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذ ه لم يفلته " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة " الآية وقال تعالى: " وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة " الآية وقال " وكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة " الآيتين ومن أقلع عما هو فيه من كفر أو عصيان ورجع إلى الله وتاب إليه تاب عليه كما قال تعالى: " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله " الآية وقال ههنا " إنه كان حليما غفورا " كما قال في آخر فاطر " إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا " إلى أن قال " ولو يؤاخذ الله الناس " إلى آخر السورة.
وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا (45) وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفئ اذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبرهم نفورا (46) يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم " وإذا قرأت يا محمد على هؤلاء المشركين القرآن جعلنا بينك وبينهم حجابا مستورا ". قال قتادة وابن زيد هو الأكنة على قلوبهم كما قال تعالى " وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب " أي مانع حائل أن يصل إلينا مما تقول شئ وقوله " حجابا مستورا " بمعنى ساتر كميمون ومشؤوم بمعنى يامن وشائم لأنه من يمنهم وشؤمهم وقيل مستورا عن الابصار فلا تراه وهو مع ذلك حجاب بينهم وبين الهدى ومال إلى ترجيحه ابن جرير رحمه الله وقال لحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا أبو موسى الهروي إسحاق بن إبراهيم حدثنا سفيان عن الوليد بن كثير عن يزيد بن تدرس عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى