بفعله به أو فيه فقد دخل في مشاركة إبليس فيه من ولد ذلك الولد له أو منه لان الله لم يخصص بقوله " وشاركهم في الأموال والأولاد " معنى الشركة فيه بمعنى دون معنى فكل ما عصى الله فيه أو به أو أطيع الشيطان فيه أو به فهو مشاركة وهذا الذي قاله متجه وكل من السلف رحمهم الله فسر بعض المشاركة فقد ثبت في صحيح مسلم عن عياض بن حماد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يقول الله عز وجل إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم " وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدا " وقوله تعالى " وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا " كما أخبر تعالى عن إبليس أنه يقول إذا حصحص الحق يوم يقضى بالحق " إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم " الآية. وقوله تعالى " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " إخبار بتأييده تعالى عباده المؤمنين وحفظه إياهم وحراسته لهم من الشيطان الرجيم ولهذا قال تعالى " وكفى بربك وكيلا " أي حافظا ومؤيدا ونصيرا وقال الإمام أحمد حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن المؤمن لينض شياطينه كما ينض أحدكم بعيره في السفر " ينض أي يأخذ بناصيته ويقهره.
ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما (66) ويخبر تعالى عن لطفه بخلقه في تسخيره لعباده الفلك في البحر وتسهيله لمصالح عباده لابتغائهم من فضله في التجارة من إقليم إلى إقليم ولهذا قال " إنه كان بكم رحيما " أي إنما فعل هذا بكم من فضله عليكم ورحمته بكم.
وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الانسان كفورا (67) يخبر تبارك وتعالى أن الناس إذا مسهم ضر دعوه منيبين إليه مخلصين له الدين ولهذا قال تعالى " وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه " أي ذهب عن قلوبكم كل ما تعبدون غير الله تعالى كما اتفق لعكرمة ابن أبي جهل لما ذهب فارا من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة فذهب هاربا فركب في البحر ليدخل الحبشة فجاءتهم ريح عاصف فقال القوم بعضهم لبعض إنه لا يغني عنكم إلا أن تدعو الله وحده فقال عكرمة في نفسه والله إن كان لا ينفع في البحر غيره فإنه لا ينفع في البر غيره اللهم لك علي عهد لئن أخرجتني منه لأذهبن فلأضعن يدي في يد محمد فلأجدنه رؤوفا رحيما فخرجوا من البحر فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وحسن إسلامه رضي الله عنه وأرضاه.
وقوله تعالى " فلما نجاكم إلى البر أعرضتم " أي نسيتم ما عرفتم من توحيده في البحر وأعرضتم عن دعائه وحده لا شريك له " وكان الانسان كفورا " أي سجيته هذا ينسى النعم ويجحدها إلا من عصم الله.
أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا (68) يقول تعالى أفحسبتم بخروجكم إلى البر أمنتم من انتقامه وعذابه أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا وهو المطر الذي فيه حجارة قاله مجاهد وغير واحد كما قال تعالى " إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر نعمة من عندنا " وقد قال في الآية الأخرى " وأمطرنا عليهم حجارة من طين " وقال " أمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم من في السماء أن ير ل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير " وقوله " ثم لا تجدوا لكم وكيلا " أي ناصرا يرد ذلك عنكم وينقذكم منه.
أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا (69)