عن أبيه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: أصابني أرق من الليل فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " قل اللهم غارت النجوم وهدأت العيون وأنت حي قيوم يا حي يا قيوم أنم عيني واهدئ ليلي " فقلتها فذهب عني ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيى به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون (24) ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون (25) يقول تعالى (ومن آياته) الدالة على عظمته أنه (يريكم البرق خوفا وطمعا) أي تارة تخافون مما يحدث بعده من أمطار مزعجة وصواعق متلفة وتارة ترجون وميضه وما يأتي بعده من المطر المحتاج إليه ولهذا قال تعالى (وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها) أي بعد ما كانت هامدة لا نبات فيها ولا شئ فلما جاءها الماء (اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج) وفي ذلك عبرة ودلالة واضحة على المعاد وقيام الساعة ولهذا قال (إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون).
ثم قال تعالى (ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره) كقوله تعالى (ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه) وقوله (إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا) وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا اجتهد في اليمين قال: والذي تقوم السماء والأرض بأمره أي هي قائمة ثابتة بأمره لها وتسخيره إياها ثم إذا كان يوم القيامة بدلت الأرض غير الأرض والسماوات وخرجت الأموات من قبورها أحياء بأمره تعالى ودعائه إياهم ولهذا قال تعالى (ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون) أي من الأرض كما قال تعالى (يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا) وقال تعالى (فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة) وقال تعالى (إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون).
وله من في السماوات والأرض كل له قانتون (26) وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الاعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم (27) يقول تعالى (وله من في السماوات والأرض) أي ملكه وعبيده (كل له قانتون) أي خاضعون خاشعون طوعا وكرها.
وفي حديث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعا " كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة " وقوله (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه) قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس يعني أيسر عليه وقال مجاهد الإعادة أهون عليه من البداءة والبداءة عليه هينة وكذا قال عكرمة وغيره وروى البخاري حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب أخبرنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول الله تعالى كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " انفرد بإخراجه البخاري كما انفرد بروايته أيضا من حديث عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة به وقد رواه الإمام أحمد منفردا به عن حسن بن موسى عن ابن لهيعة حدثنا أبو يونس سليم بن جبير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه أو مثله. وقال آخرون كلاهما بالنسبة إلى القدرة على السواء وقال العوفي عن ابن عباس كل عليه هين وكذا قاله الربيع بن خيثم ومال إليه ابن جرير وذكر عليه شواهد كثيرة قال ويحتمل أن يعود الضمير في قوله (وهو أهون عليه) إلى الخلق أي وهو أهون على الخلق. وقوله " وله المثل الاعلى في السماوات والأرض) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كقوله تعالى (ليس كمثله شئ) وقال قتادة مثله أنه لا إله إلا هو ولا رب غيره وقال مثل هذا ابن جرير وقد أنشد