قال - وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر له الذين هم فيكم تبع لا يبتغون أهلا ولا مالا والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك " وذكر البخيل والكذاب والشنظير الفحاش انفرد بإخراجه مسلم فرواه من طرق عن قتادة به وقوله تعالى (ذلك الدين القيم) أي التمسك بالشريعة والفطرة السليمة هو الدين القيم المستقيم (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) أي فلهذا لا يعرفه أكثر الناس فهم عنه ناكبون كما قال تعالى (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) وقال تعالى (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) الآية. وقوله تعالى (منيبين إليه) قال ابن زيد وابن جريج أي راجعين إليه (واتقوه) أي خافوه وراقبوه (وأقيموا الصلاة) وهي الطاعة العظيمة (ولا تكونوا من المشركين) أي بل كونوا من الموحدين المخلصين له العبادة لا يريدون بها سواه. قال ابن جرير حدثني يحيى بن واضح حدثنا يونس عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي مريم قال مر عمر رضي الله عنه بمعاذ بن جبل فقال عمر ما قوام هذه الأمة؟ قال معاذ ثلاث وهن المنجيات: الاخلاص وهي الفطرة فطرة الله التي فطر الناس عليها والصلاة وهي الملة والطاعة وهي العصمة فقال عمر صدقت. حدثني يعقوب أنبأنا ابن علية أنبأنا أيوب عن أبي قلابة أن عمر رضي الله عنه قال لمعاذ ما قوام هذا الامر؟ فذكر نحوه وقوله تعالى (من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون) أي لا تكونوا من المشركين الذين قد فرقوا دينهم أي بدلوه وغيروه وآمنوا ببعض وكفروا ببعض وقرأ بعضهم فارقوا دينهم أي تركوه وراء ظهورهم وهؤلاء كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان وسائر أهل الأديان الباطلة مما عدا أهل الاسلام كما قال تعالى (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله) الآية فأهل الأديان قبلنا اختلفوا فيما بينهم على آراء ومثل باطلة. وكل فرقة منهم تزعم أنهم على شئ وهذه الأمة أيضا اختلفوا فيما بينهم على نحل كلها ضلالة إلا واحدة وهم أهل السنة والجماعة المتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبما كان عليه الصدر الأول من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين من قديم الدهر وحديثه كما رواه الحاكم في مستدركه أنه سئل صلى الله عليه وسلم عن الفرقة الناجية منهم فقال " من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي " وإذا مس الناس ضرا دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون (33) ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون (34) أم أنزلنا عليهم سلطنا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون (35) وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون (36) أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون (37) يقول تعالى مخبرا عن الناس أنهم في حال الاضطرار يدعون الله وحده لا شريك له وأنه إذا أسبغ عليهم النعم إذا فريق منهم في حالة الاختيار يشركون بالله ويعبدون معه غيره. وقوله تعالى (ليكفروا بما آتيناهم) هي لام العاقبة عند بعضهم ولام التعليل عند آخرين ولكنها تعليل لتقييض الله لهم ذلك ثم توعدهم بقوله (فسوف تعلمون) قال بعضهم والله لو توعدني حارس درب لخفت منه فكيف والمتوعد ههنا هو الذي يقول للشئ كن فيكون ثم قال تعالى منكرا على المشركين فيما اختلفوا فيه من عبادة غيره بلا دليل ولا حجة ولا برهان. (أم أنزلنا عليهم سلطانا) أي حجة (فهو يتكلم) أي ينطق (بما كانوا به يشركون) وهذا استفهام إنكار أي لم يكن لهم شئ من ذلك، ثم قال تعالى (وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون) هذا إنكار على الانسان من حيث هو إلا من عصمه الله ووفقه فإن الانسان إذا أصابته نعمة بطر. وقال (ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور) أي يفرح في نفسه ويفخر على غيره وإذا أصابه شدة قنط وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير بالكية. قال الله تعالى (إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات) أي صبروا في الضراء وعملوا الصالحات في الرخاء كما ثبت في الصحيح " عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " وقوله تعالى
(٤٤٣)