المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم لانهم أصحاب أوثان. وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لانهم أهل الكتاب. فذكر ذلك لأبي بكر فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما إنهم سيغلبون " فذكره أبو بكر لهم فقالوا اجعل بيننا وبينك أجلا فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا فجعل أجل خمس سنين فلم يظهروا فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ألا جعلتها إلى دون أراه قال العشر - " قال سعيد بن جبير البضع ما دون العشر ثم ظهرت الروم بعد قال فذلك قوله: (ألم * غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون - إلى قوله - وهو العزيز الرحيم) هكذا رواه الترمذي والنسائي جميعا عن الحسين بن حريث عن معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق الفزاري عن سفيان الثوري به وقال الترمذي حديث حسن غريب إنما نعرفه من حديث سفيان عن حبيب ورواه ابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق الصنعاني عن معاوية بن عمرو به. ورواه ابن جرير حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن سعيد أو سعيد الثعلبي الذي يقال له أبو سعد من أهل طرسوس حدثنا أبو إسحاق الفزاري فذكره وعندهم قال سفيان فبلغني أنهم غلبوا يوم بدر (حديث آخر) قال سليمان بن مهران الأعمش عن مسلم عن مسروق قال: قال عبد الله خمس قد مضين: الدخان واللزام والبطشة والقمر والروم أخرجاه. وقال ابن جرير حدثنا ابن وكيع حدثنا المحاربي عن داود بن أبي هند عن عامر - هو الشعبي - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
كانت فارس ظاهرة على الروم وكان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم. وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لانهم أهل كتاب. وهم أقرب إلى دينهم فلما نزلت (ألم * غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) قالوا يا أبا بكر إن صاحبك يقول إن الروم تظهر على فارس في بضع سنين: قال صدق قالوا هل لك أن نقامرك فبايعوه على أربع قلائص إلى سبع سنين فمضت السبع ولم يكن شئ ففرح المشركون بذلك فشق على المسلمين فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " ما بضع سنين عندكم؟ " قالوا دون العشر قال: " اذهب فزايدهم وازدد سنتين في الاجل " قال فما مضت السنتان حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس ففرح المؤمنون بذلك وأنزل الله تعالى: (ألم * غلبت الروم - إلى قوله تعالى - وعد الله لا يخلف الله وعده). (حديث آخر) قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا أحمد بن عمر الوكيعي حدثنا مؤمن عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال لما نزلت (ألم * غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون) قال المشركون لأبي بكر ألا ترى إلى ما يقول صاحبك يزعم أن الروم تغلب فارس قال صدق صاحبي قالوا هل لك أن نخاطرك فجعل بينه وبينهم أجلا فحل الاجل قبل أن تغلب الروم فارس فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وساءه ذلك وكرهه وقال لأبي بكر " ما دعاك إلى هذا؟ " قال تصديقا لله ولرسوله قال: " تعرض لهم وأعظم لهم الخطر واجعله إلى بضع سنين " فأتاهم أبا بكر فقال هل لكم في العود فإن العود أحمد؟ قالوا نعم فلم تمض تلك السنين حتى غلبت الروم فارس وربطوا خيولهم بالمدائن وبنوا الرومية فجاء أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هذا السحت قال " تصدق به " (حديث آخر) قال أبو عيسى الترمذي حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا إسماعيل بن أبي أويس أخبرني ابن أبي الزناد عن عروة بن الزبير عن نيار بن مكرم الأسلمي قال: لما نزلت (ألم * غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين) فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم لانهم وإياهم أهل كتاب وفي ذلك قوله تعالى: (يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم) وكانت قريش تحب ظهور فارس لانهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان يبعث فلما أنزل الله هذه الآية خرج أبو بكر يصيح في نواحي مكة (ألم * غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) فقال ناس من قريش لأبي بكر فذاك بيننا وبينكم زعم صاحبكم أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين أفلا نراهنك على ذلك؟ قال بلى وذلك قبل تحريم الرهان فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرهان وقالوا لأبي بكر كم نجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين فسم بيننا وبينك وسطا ننتهي إليه قالوا فسموا بينهم ست سنين قال فمضت ست السنين قبل أن يظهروا فأخذ المشركون رهن أبي بكر فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس قال فعاب المسلمون على أبي بكر تسميته ست سنين قال لان الله يقول في بضع سنين قال فأسلم عند ذلك