قال (لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين) قال نجوت إذا قال مجاهد إنما دفع الله عنه ببره بأمه.
فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين (22) إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم (23) وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعملهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون (24) ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخب ء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون (25) الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم (26) يقول تعالى (فمكث) الهدهد (غير بعيد) أي غاب زمانا يسيرا ثم جاء فقال لسليمان (أحطت بما لم تحط به) أي اطلعت على ما لم تطلع عليه أنت ولا جنودك (وجئتك من سبأ بنبأ يقين) أي بخبر صدق حق يقين وسبأ هم حمير وهم ملوك اليمن، (إني وجدت امرأة تملكهم) قال الحسن البصري وهي بلقيس بنت شراحيل ملكة سبأ وقال قتادة: كانت أمها جنية وكأن مؤخر قدميها مثل حافر الدابة من بيت مملكة وقال زهير بن محمد وهي بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن الريان وأمها فارغة الجنية وقال ابن جريج بلقيس بنت ذي شرخ وأمها بلتعة وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسن حدثنا مسدد حدثنا سفيان بن عيينة عن عطاء بن السائب عن مجاهد عن ابن عباس قال: كان مع صاحبة سليمان مائة الف قيل تحت كل قيل مائة ألف مقاتل وقال الأعمش عن مجاهد: كان تحت يدي ملكة سبأ اثنا عشر ألف قيل تحت كل قيل مائة ألف مقاتل وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن قتادة في قوله تعالى: (إني وجدت امرأة تملكهم) كانت من بيت مملكة وكان أولو مشورتها ثلثمائة واثني عشر رجلا كل رجل منهم على عشرة آلاف رجل وكانت بأرض يقال لها مأرب على ثلاثة أميال من صنعاء وهذا القول هو أقرب على أنه كثير على مملكة اليمن والله أعلم وقوله (وأوتيت من كل شئ) أي من متاع الدنيا مما يحتاج إليه الملك المتمكن (ولها عرش عظيم) يعني سرير تجلس عليه عظيم هائل مزخرف بالذهب وأنواع الجواهر واللآلئ قال زهير بن محمد كان من ذهب وصفحاته مرمولة بالياقوت والزبرجد طوله ثمانون ذراعا وعرضه أربعون ذراعا وقال محمد بن إسحاق كان من ذهب مفصص بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ وكان إنما يخدمها النساء ولها ستمائة امرأة تلي الخدمة قال علماء التاريخ: وكان هذا السرير في قصر عظيم مشيد رفيع البناء محكم وكان فيه ثلثمائة وستون طاقة من مشرقه ومثلها من مغربه قد وضع بناؤه على أن تدخل الشمس كل يوم من طاقة وتغرب من مقابلتها فيسجدون لها صباحا ومساء. ولهذا (وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل) اي عن طريق الحق فهم لا يهتدون) وقوله: (ألا يسجدوا لله) معناه (وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ألا يسجدوا الله) أي لا يعرفون سبيل الحق التي هي إخلاص السجود لله وحده دون ما خلق من الكواكب وغيرها كما قال تعالى: (ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون) وقرأ بعض القراء (ألا يا اسجدوا لله) جعلها ألا الاستفتاحية ويا للنداء وحذف المنادى تقديره عنده ألا يا قوم اسجدوا لله وقوله (الذي يخرج الخب ء في السماوات والأرض) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعلم كل خبيئة في السماء والأرض وكذا قال عكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وغير واحد وقال سعيد بن المسيب الخب ء الماء وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم خب ء السماوات والأرض ما جعل فيهما من الأرزاق المطر من السماء والنبات من الأرض وهذا مناسب من كلام الهدهد الذي جعل فيه من الخاصية ما ذكره ابن عباس وغيره من أنه يرى الماء يجري في تخوم الأرض وداخلها وقوله: