ذلك ولا حجة أدتهم إليه بل بمجرد الآراء، والتشهي والأهواء، فهم يوالونهم ويقاتلون في سبيلهم ويعادون الله ورسوله والمؤمنين فيهم ولهذا قال تعالى: " وكان الكافر على ربه ظهيرا " أي عونا في سبيل الشيطان على حزب الله وحزب الله هم الغالبون كما قال تعالى " واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون " أي آلهتهم التي اتخذوها من دون الله لا تملك لهم نصرا، وهؤلاء الجهلة للأصنام جند محضرون يقاتلون عنهم، ويذبون عن حوزتهم، ولكن العاقبة والنصرة لله ولرسوله وللمؤمنين في الدنيا والآخرة قال مجاهد " وكان الكافر على ربه ظهيرا " قال يظاهر الشيطان على معصية الله ويعينه وقال سعيد بن جبير " وكان الكافر على ربه ظهيرا " يقول عونا للشيطان على ربه بالعداوة والشرك، وقال زيد بن أسلم " وكان الكافر على ربه ظهيرا " قال مواليا، ثم قال تعالى لرسوله صلوات الله وسلامه عليه " وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا " أي بشيرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين، مبشرا بالجنة لمن أطاع الله ونذيرا بين يدي عذاب شديد لمن خالف أمر الله " قل ما أسألكم عليه من أجر " أي عن هذا البلاغ وهذا الانذار من أجرة أطلبها من أموالكم وإنما أفعل ذلك ابتغاء وجه الله تعالى: " لمن شاء منكم أن يستقيم " " إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا " أي طريقا ومسلكا ومنهجا يقتدي فيها بما جئت به، ثم قال تعالى " وتوكل على الحي الذي لا يموت " أي في أمورك كلها كن متوكلا على الله الحي الذي لا يموت أبدا الذي هو " الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم " الدائم الباقي السرمدي الأبدي الحي القيوم رب كل شئ ومليكه اجعله ذخرك وملجأك، وهو الذي يتوكل عليه ويفزع إليه فإنه كافيك وناصرك ومؤيدك ومظفرك كما قال تعالى: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ". وروى ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل قال قرأت على معقل يعني ابن عبيد الله عن عبد الله بن أبي حسين عن شهر بن حوشب قال: لقي سلمان النبي صلى الله عليه وسلم في بعض فجاج المدينة فسجد له فقال: " لا تسجد لي يا سلمان واسجد للحي الذي لا يموت " وهذا مرسل حسن وقوله تعالى: " وسبح بحمده " أي أقرن بين حمده وتسبيحه، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك " أي أخلص له العبادة والتوكل كما قال تعالى:
" رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا " وقال تعالى " فاعبده وتوكل عليه " وقال تعالى: " قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا " وقوله تعالى: " وكفى به بذنوب عباده خبيرا " أي بعلمه التام الذي لا يخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة. وقوله تعالى: " الذي خلق السماوات والأرض " الآية أي هو الحي الذي لا يموت وهو خالق كل شئ وربه ومليكه الذي خلق بقدرته وسلطانه السماوات السبع في ارتفاعها واتساعها والأرضين السبع في سفولها وكثافتها " في ستة أيام ثم استوى على العرش " أي يدبر الامر ويقضي الحق وهو خير الفاصلين وقوله: " ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا " أي استعلم عنه من هو خبير به عالم به فاتبعه واقتد به، وقد علم أنه لا أحد أعلم بالله ولا أخبر به من عبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه سيد ولد آدم على الاطلاق في الدنيا والآخرة الذي لا ينطق عن الهوى " إن هو إلا وحي يوحى " فما قاله فهو الحق وما أخبره به فهو الصدق، وهو الامام المحكم الذي إذا تنازع الناس في شئ وجب رد نزاعهم إليه فما وافق أقواله وأفعاله فهو الحق وما خالفها فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان قال الله تعالى " فإن تنازعتم في شئ " الآية وقال تعالى " وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله " وقال تعالى: " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا " أي صدقا في الاخبار وعدلا في الأوامر والنواهي ولهذا قال تعالى " فاسأل به خبيرا " قال مجاهد في قوله:
" فاسأل به خبيرا " قال ما أخبرتك من شئ فهو كما أخبرتك. وكذا قال ابن جريج وقال شمر بن عطية في قوله: " فاسأل به خبيرا " هذا القرآن خبير به. ثم قال تعالى منكرا على المشركين الذين يسجدون لغير الله من الأصنام والأنداد " وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن " أي لا نعرف الرحمن وكانوا ينكرون أن