طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته ".
ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم (20) يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فأنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم (21) يقول الله تعالى " ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم " أي لولا هذا لكان أمر آخر ولكنه تعالى رؤوف بعباده رحيم بهم فتاب على من تاب إليه من هذه القضية وطهر من طهر منهم بالحد الذي أقيم عليهم ثم قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان " يعني طرائقه ومسالكه وما يأمر به " ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر " هذا تنفير وتحذير من ذلك بأفصح عبارة وأبلغها وأوجزها وأحسنها، قال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس " خطوات الشيطان " عمله وقال عكرمة نزغاته وقال قتادة كل معصية فهي من خطوات الشيطان، وقال أبو مجلز النذور في المعاصي من خطوات الشيطان، وقال مسروق سأل رجل ابن مسعود فقال:
إني حرمت أن آكل طعاما وسماه فقال هذا من نزعات الشيطان كفر عن يمينك وكل، وقال الشعبي في رجل نذر ذبح ولده هذا من نزغات الشيطان وأفتاه أن يذبح كبشا، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا حسان بن عبد الله المصري حدثنا السري بن يحيي عن سليمان التيمي عن أبي رافع قال: غضبت على امرأتي فقالت هي يوما يهودية ويوما نصرانية وكل مملوك لها حر إن لم تطلق امرأتك، فأتيت عبد الله بن عمر فقال: إنما هذه من نزغات الشيطان وكذلك قالت زينب بنت أم سلمة وهي يومئذ أفقه امرأة بالمدينة وأتيت عاصم بن عمر فقال مثل ذلك. ثم قال تعالى " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا " أي لولا هو يرزق من يشاء التوبة والرجوع إليه ويزكي النفوس من شركها وفجورها ودنسها وما فيها من أخلاق رديئة كل بحسبه لما حصل أحد لنفسه زكاة ولا خيرا " ولكن الله يزكي من يشاء " أي من خلقه ويضل من يشاء ويرديه في مهالك الضلال والغي، وقوله " والله سميع " أي سميع لأقوال عباده " عليم " بمن يستحق منهم الهدى والضلال.
ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمسكين والمهجرين في سبيل الله ولعفوا ولصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم (22) يقول تعالى " ولا يأتل " من الالية وهي الحلف أي لا يحلف " أولو الفضل منكم " أي الطول والصدقة والاحسان " والسعة " أي الجدة " أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله " أي لا تحلفوا أن لا تصلوا قراباتكم المساكين والمهاجرين، وهذا في غاية الترفق والعطف على صلة الأرحام ولهذا قال تعالى " وليعفوا وليصفحوا " أي عما تقدم منهم من الإساءة والأذى. وهذا من حلمه تعالى وكرمه ولطفه بخلقه مع ظلمهم لأنفسهم، وهذه الآية نزلت في الصديق رضي الله عنه حين حلف أن لا ينفع مسطح بن أثاثة بنافعة أبدا بعدما قال في عائشة ما قال كما تقدم في الحديث، فلما أنزل الله براءة أم المؤمنين عائشة وطابت النفوس المؤمنة واستقرت وتاب الله على من كان تكلم من المؤمنين في ذلك وأقيم الحد على من أقيم عليه - شرع تبارك وتعالى وله الفضل والمنة يعطف الصديق على قريبه ونسيبه وهو مسطح بن أثاثة فإنه كان ابن خاله الصديق وكان مسكينا لا مال له إلا ما ينفق عليه أبو بكر رضي الله عنه، وكان من المهاجرين في سبيل الله وقد زلق زلقة تاب الله عليه منها، وضرب الحد عليها. وكان الصديق رضي الله عنه معروفا بالمعروف، له الفضل والأيادي على الأقارب والأجانب فلما نزلت هذه الآية إلى قوله " ألا تحبون أن يغفر الله لكم " الآية فإن الجزاء من جنس العمل فكما تغفر ذنب من