فقالت سبحان الله والله ما علمت عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر، وبلغ الامر ذلك الرجل الذي قيل له، فقال سبحان الله والله ما كشفت كنف أنثى قط. قالت عائشة رضي الله عنها فقتل شهيدا في سبيل الله قالت وأصبح أبواي عندي فلم يزالا حتى دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صلى العصر ثم دخل وقد اكتنفني أبواي عن يميني وعن شمالي فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال " أما بعد يا عائشة إن كنت قارفت سوءا أو ظلمت فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده " قالت وقد جاءت امرأة من الأنصار فهي جالسة بالباب فقلت ألا تستحي من هذه المرأة أن تذكر شيئا فوعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتفت إلى أبي فقلت له أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فماذا أقول؟
فالتفت إلى أمي فقلت أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ماذا أقول؟ فلما لم يجيباه تشهدت فحمدت الله وأثنيت عليه بما هو أهله ثم قلت أما بعد فوالله إن قلت لكم إني لم أفعل والله عز وجل يشهد أني لصادقة ما ذاك بنافعي عندكم لقد تكلمت به وأشربته قلوبكم، وإن قلت لكم إني قد فعلت والله يعلم أني لم أفعل لتقولن قد باءت به على نفسها وإني والله ما أجد لي ولكم مثلا - والتمست اسم يعقوب فلم أقدر عليه - إلا أبا يوسف حين قال " فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون " وأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من ساعته فسكتنا فرفع عنه وإني لا تبين السرور في وجهه وهو يمسح جبينه ويقول " أبشرى يا عائشة فقد أنزل الله براءتك " قالت وكنت أشد ما كنت غضبا فقال لي أبواي قومي إليه فقلت لا والله لا أقوم إليه ولا أحمده ولا أحمدكما ولكن أحمد الله الذي أنزل براءتي لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غيرتموه، وكانت عائشة تقول: أما زينب بنت جحش فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيرا، وأما أختها حمنة بنت جحش فهلكت فيمن هلك وكان الذين يتكلم فيه مسطح وحسان بن ثابت والمنافق عبد الله ابن أبي بن سلول وهو الذي كان يستوشيه ويجمعه وهو الذي تولى كبره منهم هو وحمنة، قالت فحلف أبو بكر أن لا ينفع مسطحا بنافعة أبدا فأنزل الله تعالى " ولا يأتل أولوا الفضل منكم " يعني أبا بكر " والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين " يعني مسطحا إلى قوله " ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم " فقال أبو بكر: بلى والله يا ربنا إنا لنحب أن تغفر لنا، وعاد له بما كان يصنع. هكذا رواه البخاري من هذا الوجه معلقا بصيغة الجزم عن أبي أسامة حماد بن أسامة أحد الأئمة الثقات. وقد رواه ابن جرير في تفسيره عن سفيان بن وكيع عن أبي أسامة مطولا به مثله أو نحوه، ورواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج عن أبي أسامة ببعضه. وقال الإمام أحمد حدثنا هشيم أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت لما نزل عذري من السماء جاءني النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرني بذلك فقلت بحمد الله لا بحمدك. وقال الإمام أحمد حدثنا ابن عدي عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة أيضا عن عائشة قالت: لما نزل عذري قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك وتلا القرآن فلما نزل أمر برجلين وامرأة فضربوا حدهم ورواه أهل السنن الأربعة. وقال الترمذي هذا حديث حسن ووقع عند أبي داود تسميتهم حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش. فهذه طرق متعددة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في المسانيد والصحاح والسنن وغيرها، وقد روي من حديث أمها أم رومان رضي الله عنها فقال الإمام أحمد حدثنا علي بن عاصم أخبرنا حصين عن أبي وائل عن مسروق عن أم رومان قالت بينا أنا عند عائشة إذ دخلت علينا امرأة من الأنصار فقالت: فعل الله بابنها وفعل، فقالت عائشة ولم؟ قالت إنه كان فيمن حدث الحديث قالت وأي الحديث؟ قالت كذا وكذا قالت وقد بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت نعم قالت وبلغ أبا بكر؟ قالت نعم فخرت عائشة رضي الله عنها مغشيا عليها فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض قالت فقمت فدثرتها قالت فجاء النبي صلى الله عليه وسلم قال " فما شأن هذه؟ " قلت يا رسول الله أخذتها حمى بنافض قال " فلعله في حديث تحدث به " قالت فاستوت عائشة قاعدة فقالت والله لئن حلفت لكم لا تصدقوني ولئن اعتذرت إليكم لا تعذروني فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه حين قال " فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون " قالت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله عذرها فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر فدخل فقال يا عائشة " إن الله تعالى قد أنزل عذرك " فقالت بحمد الله لا