قال: جاء عبد الله الزبعرى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون " فقال ابن الزبعرى قد عبدت الشمس والقمر والملائكة وعزير وعيسى ابن مريم كل هؤلاء في النار مع آلهتنا؟ فنزلت " ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون * وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون " ثم نزلت " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " رواه الحافظ أبو عبد الله في كتابه الأحاديث المختارة، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا قبيصة بن عقبة حدثنا سفيان يعني الثوري عن الأعمش عن أصحابه عن ابن عباس قال لما نزلت " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون " قال المشركون فالملائكة وعزير وعيسى يعبدون من دون الله فنزلت " لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها " الآلهة التي يعبدون " وكل فيها خالدون " وروي عن أبي كدينة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مثل ذلك وقال فنزلت " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " وقال محمد بن إسحاق بن يسار رحمه الله في كتاب السيرة وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يوما مع الوليد بن المغيرة في المسجد فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم وفي المسجد غير واحد من رجال قريش فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر بن الحارث فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه وتلا عليه وعليهم " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون - إلى قوله - وهم فيها لا يسمعون " ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عبد الله بن الزبعرى السهمي حتى جلس معهم فقال الوليد بن المغيرة لعبد الله بن الزبعرى: والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب أنفا ولا قعد وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم، فقال عبد الله بن الزبعرى أما والله لو وجدته لخصمته فسلوا محمدا كل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيرا والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى ورأوا أنه قد احتج وخاصم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده إنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته " وأنزل الله " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون * لا يسمعون حسيسها وهم فيها اشتهت أنفسهم خالدون " أي عيسى وعزير ومن عبدوا من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله فاتخذهم من يعبدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله ونزل فيما يذكرون أنهم يعبدون الملائكة وأنهم بنات الله " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون - إلى قوله - ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين " ونزل فيما ذكر من أمر عيسى وأنه يعبد من دون الله وعجب الوليد ومن حضره من حجته وخصومته " ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون * وقالوا آلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون * إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل * ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون * وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها " أي ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى لابراء الأسقام فكفى به دليلا على علم الساعة يقول " فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم " وهذا الذي قاله ابن الزبعرى خطأ كبير لان الآية إنما نزلت خطابا لأهل مكة في عبادتهم الأصنام التي هي جماد لا تعقل ليكون ذلك تقريعا وتوبيخا لعابديها ولهذا قال " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " فكيف يورد على هذا المسيح والعزير ونحوهما ممن له عمل صالح ولم يرض بعبادة من عبده وعول ابن جرير في تفسيره في الجواب على أن ما لما لا يعقل عند العرب وقد أسلم عبد الله بن الزبعرى بعد ذلك وكان من الشعراء المشهورين، وقد كان يهاجي المسلمين أولا ثم قال معتذرا يا رسول المليك إن لساني راتق ما فتقت إذ أنا بور إذ أجاري الشيطان في سنن الغي ومن مال ميله مثبور وقوله " لا يحزنهم الفزع الأكبر " قيل المراد بذلك الموت رواه عبد الرزاق عن يحيى بن ربيعه عن عطاء وقيل
(٢٠٨)