وإن شرا فشر ولهذا قال " فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن " أي قلبه مصدق وعمل عملا صالحا " فلا كفران لسعيه " كقوله: " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " أي لا يكفر سعيه وهو عمله بل يشكر فلا يظلم مثقال ذرة ولهذا قال " وإنا له كاتبون " أي يكتب جميع عمله فلا يضيع عليه منه شئ.
وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون (95) حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون (96) واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصر الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين (97) يقول تعالى " وحرام على قرية " قال ابن عباس وجب يعني قد قدر أن أهل كل قرية أهلكوا أنهم لا يرجعون إلى الدنيا قبل يوم القيامة، هكذا صرح به ابن عباس وأبو جعفر الباقر وقتادة وغير واحد، وفي رواية عن ابن عباس أنهم لا يرجعون أي لا يتوبون والقول الأول أظهر والله أعلم، وقوله " حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج " قد قدمنا أنهم من سلالة آدم عليه السلام بل هم من نسل نوح أيضا من أولاد يافث أي أبي الترك والترك شرذمة منهم تركوا من وراء السد الذي بناه ذو القرنين وقال " هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا * وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض " الآية وقال في هذه الآية الكريمة " حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون " أي يسرعون في المشي إلى الفساد، والحد ب هو المرتفع من الأرض قاله ابن عباس وعكرمة وأبو صالح والثوري وغيرهم، وهذه صفتهم في حال خروجهم كأن السامع مشاهد لذلك " ولا ينبئك مثل خبير " هذا إخبار عالم ما كان وما يكون الذي يعلم غيب السماوات والأرض لا إله إلا هو. وقال ابن جرير حدثنا محمد بن مثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عبد الله بن يزيد قال: رأى ابن عباس صبيانا ينزو بعضهم على بعض يلعبون فقال ابن عباس: هكذا يخرج يأجوج ومأجوج وقد ورد ذكر خروجهم في أحاديث متعددة من السنة النبوية. (فالحديث الأول) قال الإمام أحمد حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق عن عاصم بن عمرو بن قتادة عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " تفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس كما قال الله عز وجل " وهم من كل حدب ينسلون " فيغشون الناس وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم ويضمون إليهم مواشيهم ويشربون مياه الأرض حتى أن بعضهم ليمر بالنهر فيشربون ما فيه حتى يتركوه يابسا حتى إن من بعدهم ليمر بذلك النهر فيقول قد كان ههنا ماء مرة حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أحد في حصن أو مدينة قال قائلهم هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم بقي أهل السماء، قال ثم يهز أحدهم حربته ثم يرمي بها إلى السماء فترجع إليه مخضبة دما للبلاء والفتنة فبينما هم على ذلك بعث الله عز وجل دودا في أعناقهم كنغف الجراد الذي يخرج في أعناقه فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس فيقول المسلمون ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هذا العدو، قال فينحدر رجل منهم محتسبا نفسه قد أوطنها على أنه مقتول فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض فينادي يا معشر المسلمين ألا أبشروا إن الله عز وجل قد كفاكم عدوكم فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ويسرحون مواشيهم فما يكون لهم رعي إلا لحومهم فتشكر عنهم كأحسن ما شكرت عن شئ من النبات أصابته قط " ورواه ابن ماجة من حديث يونس بن بكير عن ابن إسحاق به، (الحديث الثاني) قال الإمام أحمد أيضا حدثنا الوليد بن مسلم أبو العباس الدمشقي حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني يحيى بن جابر الطائي قاضي حمص حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي عن أبيه أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في ناحية النخل فقال " غير الدجال أخوفني عليكم فإن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فكل امرئ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم وإنه شاب جعد قطط عينه طافية وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق فعاث يمينا وشمالا يا عباد الله أثبتوا - قلنا يا رسول الله ما لبثه في الأرض؟ - قال أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم