عن زلزلة الأرض قبل قيام الناس من أجداثهم كما قال تعالى " إذا زلزلت الأرض زلزالها " " وأخرجت الأرض أثقالها " وقال تعالى " وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة - فيومئذ وقعت الواقعة " الآية، وقال تعالى " إذا رجت الأرض رجا - وبست الجبال بسا " الآية فقال قائلون هذه الزلزلة كائنة في آخر عمر الدنيا وأول أحوال الساعة، وقال ابن جرير حدثنا ابن بشار حدثنا يحيى حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة في قوله " إن زلزلة الساعة شئ عظيم " قال قبل الساعة، ورواه ابن أبي حاتم من حديث الثوري عن منصور والأعمش عن إبراهيم عن علقمة فذكره، قال وروي عن الشعبي وإبراهيم وعبيد بن عمير نحو ذلك. وقال أبو كدينة عن عطاء عن عامر الشعبي " يا آيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم " قال هذا في الدنيا قبل يوم القيامة، وقد أورد الإمام أبو جعفر بن جرير مستند من قال ذلك في حديث الصور من رواية إسماعيل بن رافع قاضي أهل المدينة عن يزيد بن أبي زياد عن رجل من الأنصار عن محمد بن كعب القرظي عن رجل عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر " قال أبو هريرة يا رسول الله وما الصور؟ قال قرن قال فكيف هو؟ قال " قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات الأولى نفخة الفزع والثانية نفخة الصعق والثالثة نفخة القيام لرب العالمين يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول انفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السماوات وأهل الأرض إلا من شاء الله ويأمره فيمدها ويطولها ولا يفتر وهي التي يقول الله تعالى " وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة مالها من فواق " فتسير الجبال فتكون ترابا وترج الأرض بأهلها رجا وهي التي يقول الله تعالى " يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة " فتكون الأرض كالسفينة الموبقة في البحر تضربها الأمواج تكفؤها بأهلها وكالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الأرواح فيمتد الناس على ظهرها فتذهل المراضع وتضع الحوامل ويشيب الولدان وتطير الشياطين هاربة حتى تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع ويولي الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضا وهي التي يقول الله تعالى " يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد " فبينما هم على ذلك إذا تصدعت الأرض من قطر إلى قطر ورأوا أمرا عظيما فأخذهم لذلك من الكرب ما الله أعلم به ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل، ثم خسف شمسها وقمرها وانتثرت نجومها ثم كشطت عنهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والأموات لا يعلمون بشئ من ذلك " قال أبو هريرة فمن استثنى الله حين يقول " ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله " قال " أولئك الشهداء وإنما يصل الفزع إلى الاحياء أولئك أحياء عند ربهم يرزقون ووقاهم الله شر ذلك اليوم وآمنهم وهو عذاب الله يبعثه على شرار خلقه وهو الذي يقول الله " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " وهذا الحديث قد رواه الطبراني وابن جرير وابن أبي حاتم وغير واحد مطولا جدا والغرض منه أنه دل على أن هذه الزلزلة كائنة قبل يوم الساعة أضيفت إلى الساعة لقربها منها كما يقال أشراط الساعة ونحو ذلك والله أعلم، وقال آخرون بل ذلك هول وفزع وزلزال وبلبال كائن يوم القيامة في العرصات بعد القيامة من القبور واختار ذلك ابن جرير واحتجوا بأحاديث: " الأول " قال الإمام أحمد حدثنا يحيى عن هشام حدثنا قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو في بعض أسفاره وقد تقارب من أصحاب السير رفع بهاتين الآيتين صوته: " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " فلما سمع أصحابه بذلك حثوا المطي وعرفوا أنه عند قول يقوله فلما دنوا حوله قال " أتدرون أي يوم ذلك ذاك يوم ينادى آدم عليه السلام فيناديه ربه عز وجل فيقول يا آدم ابعث بعثك إلى النار فيقول يا رب وما بعث النار؟ فيقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون في النار وواحد في الجنة " قال فأبلس أصحابه
(٢١٣)