رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها فقال " ما هذا يا جبريل؟ " قال هذا الرجل من أمتك يكون عليه أمانات الناس لا يقدر على أدائها وهو يريد أن يحمل عليها ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شئ فقال " ما هذا يا جبريل؟ " فقال هؤلاء خطباء الفتنة ثم أتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع فقال " ما هذا ما جبريل؟ " فقال هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يردها ثم أتى على واد فوجد ريحا طيبة باردة وريح مسك وسمع صوتا فقال: " يا جبريل ما هذه الريح الطيبة الباردة وما هذا المسك وما هذا الصوت؟ " قال هذا صوت الجنة تقول يا رب ائتني بما وعدتني فقد كثرت غرفي وإستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي وأكوابي وصحافي وأباريقي وأكؤسي وعسلي ومائي ولبني وخمري فائتني بما وعدتني فقال لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة ومن آمن بي وبرسلي وعمل صالحا ولم يشرك بي شيئا ولم يتخذ من دوني أندادا ومن خشيني فهو آمن ومن سألني أعطيته ومن أقرضني جزيته ومن توكل علي كفيته إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أخلف الميعاد وقد أفلح المؤمنون وتبارك الله أحسن الخالقين قالت قد رضيت. قال ثم أتى على واد فسمع صوتا منكرا ووجد ريحا خبيثة فقال: " ما هذه الريح يا جبريل وما هذا الصوت؟ " فقال هذا صوت جهنم تقول يا رب ائتني بما وعدتني فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي وقد بعد قعري واشتد حري فائتني بما وعدتني قال لك كل مشرك ومشركة وكافر وكافرة وكل خبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب قالت قد رضيت. قال ثم سار حتى أتى بيت المقدس فنزل فربط فرسه إلى الصخرة ثم دخل فصلى مع الملائكة فلما قضيت الصلاة قالوا يا جبريل من هذا معك قال محمد صلى الله عليه وسلم قالوا أو قد أرسل إليه قال نعم قالوا حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجئ جاء قال ثم لقي أرواح الأنبياء فأثنوا على ربهم فقال إبراهيم عليه السلام: الحمد لله الذي اتخذني خليلا وأعطاني ملكا عظيما وجعلني أمة قانتا يؤتم بي وأنقذني من النار وجعلها علي بردا وسلاما. ثم إن موسى عليه السلام أثنى على ربه فقال الحمد لله الذي كلمني تكليما وجعل هلاك آل فرعون ونجاة بني إسرائيل على يدي وجعل من أمتي قوما يهدون بالحق وبه يعدلون. ثم إن داود عليه السلام أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي جعل لي ملكا عظيما وعلمني الزبور وألان لي الحديد وسخر لي الجبال يسبحن والطير وأعطاني الحكمة وفصل الخطاب. ثم إن سليمان عليه السلام أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي سخر لي الرياح وسخر لي الشياطين يعملون لي ما شئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات وعلمني منطق الطير وآتاني من كل شئ فضلا وسخر لي جنود الشياطين والانس والطير وفضلني على كثير من عباده المؤمنين وآتاني ملكا عظيما لا ينبغي لاحد من بعدي وجعل ملكي ملكا طيبا ليس فيه حساب. ثم إن عيسى عليه السلام أثنى على ربه عز وجل فقال: الحمد لله الذي جعلني كلمته وجعل مثلي كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون وعلمني الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وجعلني أخلق من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وجعلني أبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله ورفعني وطهرني وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم فلم يكن للشيطان علينا سبيلا. قال ثم إن محمدا صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه عز وجل فقال " كلكم أثنى على ربه وإني مثن على ربي فقال: الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيرا ونذيرا وأنزل علي الفرقان فيه بيان لكل شئ وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس وجعل أمتي أمة وسطا وجعل أمتي هم الأولين وهم الآخرين وشرح لي صدري ووضع عني وزري ورفع لي ذكري وجعلني فاتحا وخاتما " فقال إبراهيم عليه السلام بهذا فضلكم محمد صلى الله عليه وسلم قال أبو جعفر الرازي خاتم بالنبوة فاتح بالشفاعة يوم القيامة. ثم أتي بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها فأتي بإناء منها فيه ماء فقيل له اشرب فشرب منه يسيرا ثم دفع إليه إناء آخر فيه لبن فقيل له اشرب
(٢٠)