* (واغلظ عليهم) * راجع إلى الفريقين.
القول الثاني: أنه تعالى لما بين للرسول صلى الله عليه وسلم بأن يحكم بالظاهر، قال عليه السلام: " نحن نحكم بالظاهر " والقوم كانوا يظهرون الإسلام وينكرون الكفر، فكانت المحاربة معهم غير جائزة ".
والقول الثالث: وهو الصحيح أن الجهاد عبارة عن بذل الجهد، وليس في اللفظ ما يدل على أن ذلك الجهاد بالسيف أو باللسان أو بطريق آخر فنقول: إن الآية تدل على وجوب الجهاد مع الفريقين، فأما كيفية تلك المجاهد فلفظ الآية لا يدل عليها، بل إنما يعرف من دليل آخر.
وإذا ثبت هذا فنقول: دلت الدلائل المنفصلة على أن المجاهدة مع الكفار يجب أن تكون بالسيف، ومع المنافقين بإظهار الحجة تارة، وبترك الرفق ثانيا، وبالانتهار ثالثا. قال عبد الله في قوله: * (جاهد الكفار والمنافقين) * قال تارة باليد، وتارة باللسان، فمن لم يستطع فليكشر في وجهه، فمن لم يستطع فبالقلب، وحمل الحسن جهاد المنافقين على إقامة الحدود عليهم إذا تعاطوا أسبابها. قال القاضي: وهذا ليس بشيء، لأن إقامة الحد واجبة على من ليس بمنافق، فلا يكون لهذا تعلق بالنفاق، ثم قال: وإنما قال الحسن ذلك، لأحد أمرين، إما لأن كل فاسق منافق، وإما لأجل أن الغالب ممن يقام عليه الحد في زمن الرسول عليه السلام كانوا منافقين.
قوله تعالى * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما فى الدنيا والاخرة ومالهم فى الارض من ولي ولا نصير) *.
اعلم أن هذه الآية تدل على أن أقواما من المنافقين، قالوا كلمات فاسدة، ثم لما قيل لهم إنكم ذكرتم هذه الكلمات خافوا، وحلفوا أنهم ما قالوا، والمفسرون ذكروا في أسباب النزول وجوها: