في الجبهة، فقد زال الجمال بالكلية، وأما القوة فمحلها الظهر والجنبان، فإذا حصل الكي عليها فقد زالت القوة عن البدن، فالحاصل: أن حصول الكي في هذه الأعضاء الثلاثة يوجب زوال الجمال وزوال القوة، والإنسان إنما طلب المال لحصول الجمال ولحصول القوة.
السؤال الرابع: الذي يجعل كيا على بدن الإنسان هو كل ذلك المال أو القدر الواجب من الزكاة.
والجواب: مقتضى الآية: الكل لأنه لما يخرج منه لم يكن الحق منه جزءا معينا، بل لا جزء إلا والحق متعلق به، فوجب أن يعذبه الله بكل الأجزاء.
ثم إنه تعالى قال: * (هذا ما كنزتم لأنفسكم) * والتقدير: فيقال لهم: هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا والغرض منه تعظيم الوعيد، لأنهم إذا عاينوا ما يعذبون به من درهم أو من دينار أو من صفيحة معمولة منهما أو من أحدهما جوزوا فيه أن يكون عن الحق الذي منعه وجوزوا خلاف ذلك، فعظم الله تبكيتهم بأن يقال لهم هذا ما كنزتم لأنفسكم لم تأثروا به رضا ربكم ولا قصدتم بالإنفاق منه نفع أنفسكم والخلاص به من عقاب ربكم فصرتم كأنكم ادخرتموه ليجعل عقابا لكم على ما تشاهدونه، ثم يقول تعالى: * (فذوقوا ما كنتم تكنزون) * ومعناه لم تصرفوه لمنافع دينكم ودنياكم على ما أمركم الله به * (فذوقوا) * وبال ذلك به لا بغيره.
* (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموت والارض منهآ أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كآفة كما يقاتلونكم كآفة واعلموا أن الله مع المتقين) *.
اعلم أن هذا شرح النوع الثالث من قبائح أعمال اليهود والنصارى والمشركين، وهو إقدامهم على السعي في تغييرهم أحكام الله، وذلك لأنه تعالى لما حكم في كل وقت بحكم خاص، فإذا غيروا تلك الأحكام بسبب النسئ فحينئذ كان ذلك سعيا منهم في تغيير حكم السنة بحسب أهوائهم وآرائهم فكان ذلك زيادة في كفرهم وحسرتهم، وفي الآية مسائل: