تظلموا فيهن أنفسكم باستحلال القتال والغارة فيهن، وقد ذكرنا هذه المسألة في سورة البقرة في تفسير قوله: * (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه) * (البقرة: 217).
ثم قال: * (واعلموا أن الله مع المتقين) * يريد مع أوليائه الذين يخشونه في أداء الطاعات والاجتناب عن المحرمات. قال الزجاج: تأويله أنه ضامن لهم النصر.
* (إنما النسىء زيادة فى الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي لقوم الكافرين) *.
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: في * (النسئ) * قولان:
القول الأول: أنه التأخير. قال أبو زيد: نسأت الإبل عن الحوض أنسأها نسأ إذا أخرتها وأنسأته إنساء إذا أخرته عنه، والاسم النسيئة والنسئ، ومنه: أنسأ الله فلانا أجله، ونسأ في أجله قال أبو علي الفارسي: النسئ مصدر كالنذير والنكير، ويحتمل أيضا أن يكون نسئ بمعنى منسوء كقتيل: بمعنى مقتول، إلا أنه لا يمكن أن يكون المراد منه ههنا المفعول، لأنه إن حمل على ذلك كان معناه: إنما المؤخر زيادة في الكفر، والمؤخر الشهر، فيلزم كون الشهر كفرا، وذلك باطل، بل المراد من النسيء ههنا المصدر بمعنى الإنساء، وهو التأخير. وكان النسئ في الشهور عبارة عن تأخير حرمة شهر إلى شهر آخر، ليست له تلك الحرمة. وروي عن ابن كثير من طريق شبل: النسئ بوزن النفع وهو المصدر الحقيقي، كقولهم: نسأت، أي أخرت وروي عنه أيضا: النسئ مخففة الياء، ولعله لغة في النسئ بالهمزة مثل: أرجيت وأرجأت. وروي عنه: النسي مشدد الياء بغير همزة وهذا على التخفيف القياسي.
والقول الثاني: قال قطرب: النسئ أصله من الزيادة يقال: نسأل في الأجل وأنسأ إذا زاد فيه، وكذلك قيل للبن النسئ لزيادة الماء فيه، ونسأت المرأة حبلت، جعل زيادة الولد فيها كزيادة